قصة واقعية: قتلني ببروده
خلق الله الإنسان محبا للحياة، نشيطا منذ الصغر، يلعب ويضحك ويشارك الناس حرارة اللقاء ومتعة التجاوب.
لكن أقرب الناس إلينا بعضهم يتعمد أن يكسر تلك القواعد الطبيعية ويغير تلك السنن الربانية فينا عندما يتعايش معك أقرب الناس إليك ببرود وجمود ولامبالاة. لامبالاة لحزنك لامبالاة لفرحك لا مبالاة لنجاحك لا مبالاة لنجاحك وكأنك لست موجودا وكأنك خيال وظل لا حقيقة ولا وجود لك في عالمه.
ولو كان هذا الشخص زميل بالعمل أو صديق دراسة لكان الأمر هينا وسهلا، لأنه من السهل تركه أو الانتقال بعيدا عنه، أما أن يكون ذاك الشخص البارد هو شريك الحياة الذي نقضى معه بقية حياتنا، فأظن أنه سيكون الأمر أصعب بكثير وأشد تعقيدا، لأن مثل هؤلاء الباردين سيكونون دوما سببا في نقص العمر ونقص المناعة النفسية ونقص التفاؤل ونقص العطاء ونقص الابتسامة والفرحة نقص بكل شيء بالحياة.
تقول صاحبة المسألة : زوجي قتلني ببروده ليس له أي ردة فعل لا بالفرح ولا بالحزن لا يهتم لزينتي أو جمال أو طعامي أو نجاحي أو حتى تعبي وليس له ردة فعل تجاه مرضي أو فشلي أو حزني ، تحت الصفر بمشاعره، أبسط مثال أنه دوما يراني أحمل ابني الصغير بيدي وأقلب الطعام بالمطبخ باليد الأخرى وتعبانة ومجهدة بعد دوام طويل وشاق لكن لا حياة لمن تنادي.
يدخل فينظر لحالي هذا فلا يتفوه بحرف ثم يخرج ليجلس على التلفاز أو اللابتوب ساعتين أو ثلاثة دون حتى أن ينطق بكلمة مساعدة أو مواساة.
وحتى بعد تقديمي للطعام والتفنن في السفرة والتقديم والله لا أسمع منه كلمة اعجاب طوال 7 سنوات زواج ولا تسلم ايدك ولا شكرا ولا جزاك الله خيرا.
يأكل ثم يقوم لينام ثم يستيقظ ليذهب لأصحابه، أين أنا من حساباته وأولوياته؟ لست أدري . وإن لبست أحسن ملابس النوم ووضعت أغلى العطور والميكاب متزينة له لا يهتم ولا ينطق، حتى أوصلني لمرحلة عدم الاهتمام بنفسي.
كنت قبل زواجي منه قمة النشاط والحيوية ومتفوقة بالدراسة والعمل ولا أمكث شهرا بغير سفر أما منذ 5 سنوات لم أسافر لم أتقدم خطوة لأنه أصابني بعدوى الجمود والبرود مثله، بروده الاجتماعي والعاطفي وحتى الجنسي.
سأمت الحياة معه لأنني تزوجت بشخص عكسي تماما حاولت أعدل منه ليحس بي ويهتم بي لكن كان رده دوما على: "أنا كده عاجبني نفسي ومش هتغير" حتى في رده كان باردا وقاسيا ومستفزا كما تعودت منه، ربما يقول من يسمعني أن هذه المشكلة لا تستحق طلب الطلاق لكنني أؤكد لكم يا سيدي أن البرود سم قاتل للحياة الزوجية خاصة إن كانت الزوجة بطبيعتها امرأة نشيطة وحيوية .
الجواب:
أختي الكريمة كان الله في عونك والكل يدرك ويحس مدى المعاناة التي تمرين بها لأن الحياة عطاء وتفاعل وتفاهم وأقل شيء يقدمه الإنسان لمن حوله أن يسمعه كلمة شكر وثناء لمعروف قدمه أو لخدمة أداها له، أما أن نعتبر أن ما يقوم بك شريك الحياة فروض وإلزام لا يستحق عليها كلمة حلوة أو دعوة صادقة فهذا هو بطر الحق بعينه ، بل نرى البعض إن طلبت منه زوجته كلمة "شكرا" ينزعج ويتعصب ويقول لها: "أشكرك ليه ده فرض عليك هو أنت ما بتشوفيش الستات التانيين؟"
بئس الشريك من يتعامل بذاك الأسلوب وبئس الزوجة التي تتعامل بنفس الطريقة مع زوجها يقول أحد المتزوجين: أعطى زوجتي مصروفا شخصيا لها شهريا بخلاف أني أحضر كل أغراض البيت فقلت لها يوما : ألا تشكريني ولو من باب المجاملة فردت على قائلة: "ولماذا أشكرك ؟ هو أنت راتبك قليل ده أنت مفروض تعطيني أكتر من هذا المبلغ " رغم أن ذلك المبلغ كان يمثل 20% من راتب الزوج حسب روايته.
أنصحك أيتها الزوجة الفاضلة أن تواجهي زوجك بنفسه وأفهميه أنك أنت بالأنفاس الأخيرة للبقاء معه وأنك لا تريدين خراب البيت لكنه إن استمر ببروده ستنهار الأسرة وستضطرين لطلب الانفصال وهنا سيكون أمامه حلان : إما التغيير ليحافظ على أسرته وزوجته وإما مزيد من الجمود والبرود وحينها يكون قرار الاستمرار من عدمه بيدك تتخذينه وقتما شئت.