قصة واقعية: مصير أبناء الضرة.. إخوة أم أعداء؟
نعتقد جميعا أن أي مجتمع لا يخلو من وجود حالات انفصال وطلاق، وغالبا ما يكون هناك أبناء بين المطلقين، وقد يتزوج أحد الطليقين سواء الرجل أو المرأة ويرتبط بشريك حياة جديد، ثم ينتج عن هذا الزواج الثاني أبناء، والسؤال هنا:
ما موقع هؤلاء الأبناء الجدد من الإعراب ؟ بمعنى ما قيمتهم وما وضعهم الاجتماعي؟
الإجابة: وبكل بساطة هي أن هؤلاء الأبناء هم إخوة أو أخوات لأبنائنا من الزوجة الأولى ( المطلقة)، وما معنى إخوة ؟ أي أنه لا يحل ولا يجوز لكائن من كان أن يفرق أو يفصل بينهم أو يمنعهم من التلاقي والتزاور .
أقول هذا الكلام لأننا نواجه اليوم بل وكل يوم كوارث اجتماعية كبيرة تتمثل في مطلقات أو مطلقين يعمدون إلى قطع الصلات واللقاءات والرؤية بين الأخوة من الزوجة الأولى (المطلقة) وإخوتهم من الزوجة الثانية، والسبب كما هو معروف هو الضغائن والكره بين الكبار(المطلقين) وسوء العلاقة بينهم، يقول الأب.
دام زواجي مع الزوجة الأولى 10 سنوات ورزقت منها ببنت وولد لكن العشرة استحالت بيننا لأسباب كثيرة منها العناد وعدم الطاعة والإهمال وعدم الاحترام، فاتفقنا على الطلاق واعطائها الحضانة ووفرت لها ولأبنائي السكن والنفقة والتعليم والعلاج ولم أقصر يوما فيهم، واتفقنا على أن يبيت عندي الأولاد يومين بأخر الأسبوع فوافقت وظل الحال كذلك لمدة عامين فلما نزوجت بزوجتي الثانية تعمدت الحاضنة (مطلقتي) أن تمنع مبيت الأولاد – بحجة إنها تخاف عليهم من زوجة أبيهم- فكانوا يقضون عندي يوم الجمعة كله ثم أرجعهم لسكن الحضانة بأمرها مع العلم أن زوجتي الثانية كانت تحسن جدا معاملة أبنائي اكراما لي. ولم أرد أن أحدث مع طليقتي مشاكل رغم حبي وحاجتي لقضاء وقت أطول مع أبنائي، وكانت الكارثة الأكبر عندما حملت زوجتي الجديدة وأنجبت توأمين قامت الدنيا ولم تقعد وقامت طليقتي بمنع الرؤية نهائيا إلا ساعتين بالأسبوع، حاولت أفهمها أنها بذلك تتلاعب بورقة الأولاد وأن هذا غير جائز فلم تستجب عنادا وتحديا ومرت السنون حتى كبر الأبناء جميعهم وصار ابني (من مطلقتي) 15 عاما وابنتي 13 عاما وصار عمر التوأمين (من الزوجة الثانية) 6 سنوات، لم يشبع الأولاد من بعضهم لا يعرف أحدهما أخاه واخته إلا بالأسماء لا تلاقي لا تعارف لا اندماج، ولأني لا أملك قانونيا إلا ساعتين بالأسبوع لا تكفي لي وللأخوة ليلعبوا مع إخوتهم. صار أبنائي يسألوني لماذا لا يبيت إخوتهم عندنا؟ لماذا تمنعهم أمهم؟ حتى في أعياد الميلاد لا يحضرون. عجزت عن الرد على اولادي وحاولت وحاولت مع طليقتي لكن دون جدوى .
الجواب:
الحقيقة أنها مأساة سيتذوق الكبار ألمها لكن بعد أن يكبر الصغار ويصيرون شبابا واعين ساعتها سيصبون العتاب المرير على أبائهم الذين حرموهم من إخوتهم، ما ذنب الأخوة أن يفرقوا ويبعدوا حتى لو كنت تبغض طليقتك أو تبغضي طليقك؟
أنتم طلقتم أو اخترتم الفرقة فلا تحكموا بها على الآخرين من الصغار والأخوة ، أنتم تباعدتم فلما تسقوهم من نفس الكأس؟ والله أيها السادة إننا إن قسينا قلوب أبنائنا تجاه إخوتهم فلن يكونوا رحماء بأحد بالعالم كله لأنكم نزعتم الرحمة من قلوبهم على أقرب الناس إليهم – إخوتهم- فكيف سيعطوها للغريب والبعيد.
إن الأم والأب الذي يحرم الإخوة من بعضهم بتلك الصورة إنما يصدر لنا نفوسا منحرفة وقلوبا غليظة لا تعرف الحبفي الأرض. وما نزلت قصة يوسف وإخوته بالقرآن إلا لتنبه هؤلاء الآباء لخطورة الحسد والغيرة بين الإخوة.
أيتها الحاضنة لا تجعلي ألم الطلاق كأسا يتجرعه أبناؤك، بل علميهم الرحمة بالأخر وخاصة الإخوة لأنك ذقت ألم الفراق ومن ذاق ألم الفراق والانفصال أجدر به ألا يذيقه لغيره، اسقهم الحنان على إخوتهم وشجعيهم – حتى وإن كان الأب مقصرا- أن يزوروهم ويهدون لهم الهدايا فنحن الكبار سنفنى ونموت ويبقى هؤلاء الأخوة ويصيرون شبابا وسيتقاربون رغما عنا، فإما يعيشون حياتهم متصارعين على ميراث أو عقار وإما يعيشون بالحب وبالحب الذي زرعه أباؤهم فيهم منذ الصغر.
وتذكر أيها الأب الكريم أنك إن قطعت الأرحام بين الإخوة اشتكت الرحم إلى الله يوم القيامة وهي تقول: اللهم صل من وصلني واقطع من قطعني.