يعاني الشاب التونسي شكري الغريبي (36 عاماً) من تأخر عقلي، وهو منذ 16 عاماً يعيش مقيداً على سريره، إذ يعتبر ذويه أن هذه أفضل طريقة لحمايته من أن يؤذي نفسه أو الآخرين.
وضعته عائلته في مستشفى الرازي للأمراض العقلية في تونس العاصمة، حيث تلقى العلاج طوال ثلاثة أعوام. لكنّه لم يتماثل للشفاء بل ساءت حالته الصحية، ليصبح ذا تصرفات عدائية مع الناس، يحاول ضربهم أو حتى قتلهم.
حالة شكري العصبية عرّضته إلى أكثر من حادثة، آخرها منذ خمس سنوات، ما تسبب له في إعاقة حركية في الساق. بات من بعدها غير قادر على التحرك بسهولة، خصوصاً أنّ إعاقته الذهنية وحالته النفسية حالتا دون تلقيه العلاج اللازم، فقد بات عدائياً تجاه الآخرين، حتى من كانوا من جيرانه وأهله.
وبحسب صحيفة "العربي الجديد" التي نشرت تقريراً عن حالة هذا الشاب اليوم، فإن عائلة شكري لم تجد حلاً سوى تقييده بجنزير حديدي منذ أكثر 16 عاماً، منعاً لاعتداءاته المتكررة. وبالتالي يمضي منذ عام 1999 كلّ أوقاته في غرفة صغيرة. لا يسمح له بالتنقل حتى داخلها، بعد شد وثاقه إلى الحائط بالقرب من سريره الحديدي. منذ ذلك الوقت لا يعتني به سوى والديه وأخيه الأكبر.
ما إن يرى شكري شخصاً غريباً حتى يضطرب سلوكه وينطوي على نفسه خوفاً من إيذائه له. أو يتخذ ردّ فعل عنيفاً ضد كلّ من يحاول الاقتراب منه. لا يحادث أحداً ولا يقدر حتى على طلب أي شيء. لكنّ والدته تعرف كل حاجياته ومطالبه. ولأنّه غير قادر على فعل شيء حتى مجرد الأكل والاغتسال بنفسه، تخدمه والدته المسنة بكل شيء، كطفل صغير. تغير ملابسه وتطعمه وتغسله وتعتني بنظافته يومياً. لا تتعب من العناية بابنها، لكن مع ذلك باتت تطلب الموت الرحيم له مخافة ألا يجد من يعتني به بعد موتها.
فقر حال الأهل وارتفاع تكاليف العلاج دفعتهم إلى طلب الإعانة من وزارة الشؤون الاجتماعية للحصول على منحة الفقر التي تقدّر بـ150 ديناراً تونسياً شهرياً (75 دولاراً أميركياً). وبالرغم من بساطة المبلغ الذي لا يفي بحاجيات شكري إلاّ أنّ وزارة الشؤون الاجتماعية التي مكنت العائلة من تلك المنحة في مايو/أيار 2014، سرعان ما قطعتها عنها مجدداً بعد عام واحد فقط.