إماراتيات يورثن بناتهن الحرف التقليدية خوفاً عليها من الاندثار
تحرص النساء المشاركات في السوق الشعبي ضمن مهرجان الظفرة بمدينة زايد بالمنطقة الغربية، على تعليم بناتهن صناعة الحرف التقليدية حفاظاً عليها من الاندثار في ظل التطور التكنولوجي والصناعي، حيث بات السوق مدرسة لمن يريد تعلم هذه الحرف، حيث باستطاعة الباحثين عن عبق التراث والأصالة شراء ما طاب لهم منها، وبإمكانهم طلب ما يريدون ليصنع أمام ناظريهم.
وقالت ليلى القبيسي، مشرفة السوق الشعبي وقرية الطفل، إن لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية في أبوظبي تحرص من خلال هذا المهرجان على إظهار هذه الحرف وحمايتها وجعلها في أولوية اهتماماتها، وتركز على تطويرها وتضمينها العديد من الامتيازات لتبقى هذه المهن حية ومن أبواب الرزق لعديد من الأسر المنتجة، مشيرة إلى أن هذه الحرف لها مكانة خاصة في نفوس الإماراتيين، لما لها من ارتباط عرق مع عاداتهم وتقاليدهم وحياتهم اليومية.
وأضافت أن الحرف التقليدية التي يتوارثها الأجيال خطت لنفسها طريقاً واضحاً بين يدي الحرفي المتمرس الذي ابتكرها وأوجدها علامة متميزة، ورصيداً ثقافياً ثميناً يعبر في مضمونه عن أصالة هذا البلد المعطاء، لاسيما أن معظم منتجات الحرف اليدوية تأثرت كثيراً بطبيعة المكان والمعيشة اليومية التي سخرت المنتجات لتتناسب مع احتياجات الفرد.
من جانبها، تقول أم عبد الله (إحدى المشاركات) لقد علمت ابنتي الصغيرة خلال الأيام الماضية من السوق الشعبي عدداً من الحرف التي بدورها أتقنتها وباتت مبدعة فيها، وجاء هذا الاهتمام من قبلها ليرسخ وجود واستمرارية هذه الصناعات والحرف التي كانت تدر مداخيل مجزية قديماً، ويحميها من الإهمال والاندثار ويؤمن للمشتغلين بها مصدراً ثابتاً للرزق، مشيرة إلى أن مهرجان الظفرة يتيح لنا فرصة لتسويق منتجاتنا وبيعها، حيث يرغب الجميع في الحصول على هدايا تذكارية من قبل المهرجان لعائلته واصدقائه وأحياناً كثيرة لمنزله.
وتجد أم حمدان مبدعة في صناعة الخوص والسلال من سعف النخيل، إلى جانب تزيينها وجعلها حقائب مرتبة بإمكان الجميع حملها في رحلاتهم البرية أو البحرية، مؤكدة أن الهدف من المشاركة هو تشجيع هذا الجيل على ممارسة هذه المهنة، لأنها تذكرنا بالماضي الذي عشناه وكيف أنّ هذه المواد ساعدتنا في حياتنا للوصول إلى هذا الحاضر.
وتؤكد المشاركات بهذه الحرف الإماراتية الأصيلة، أنه لا بد من تعليمها لأبنائنا وبناتنا وأحفادنا، حيث تعتمد هذه الصناعات على البيئة التي نعيش فيها، فنعلم الأجيال الناشئة كيف يستفيدون من المواد الأولية الموجودة فيها، وكيف قام من سبقوهم بتحويل المواد البسيطة القابلة للتشكيل من خلال اعتمادهم على حاجاتهم الأساسية، وفكرهم وآلاتهم البسيطة، فكانوا يقومون باستخدام كل ما يتاح لهم في سبيل تسهيل أمور الحياة.
ولقد تعددت الحرف والصناعات اليدوية وتنوعت منها الموجود في المهرجان "التلي، المعقصة، الخوص، السدو". والتلي من الحرف المنتشرة في دولة الإمارات العربية المتحدة، وقد كانت تمارسها النساء عادة، وتسمّى هذه الحرفة "تلّي بوادل" أو "تلّي بتول"، نسبة إلى كلمة التلّي وهو شريط مزركش بخيوط ملونة أبيض وأحمر، وخيوط فضيّة متداخلة. "تستخدم (الكوجة) في عمل التلّي، والكوجة هي الأداة الرئيسية للتطريز وتتكون من قاعدة معدنية على شكل قمعين ملتصقين من الرأس، وبهما حلقتان على إحدى القواعد لتثبيت وسادة دائرية تلف عليها خيوط الذهب والفضة للقيام بعملية التطريز".