التبرع بالأعضاء بعد الموت.. هل أنت مع أم ضد؟
حين وصلت يارا اول مرة إلى الدنمارك طلب منها ملء استمارة في دائرة تسجيل المهاجرين، وكان من ضمن الأسئلة إن كانت ترغب بالتبرع في أعضائها في حال الوفاة.
تقول يارا لـ "أنا زهرة" ترددت كثيراً وطلبت أن أفكر قليلاً، جلست في زاوية بعيدة وبدأت أفكر لو أنني مت فهل أرغب أن يأخذ أحد أعضائي لشخص آخر، خفت من الفكرة وكتبت "لا" عند خانة الإجابة.
تتابع يارا "أعطيت الورقة للمرأة التي خلف الكاونتر، فنظرت إليها سريعاً وابتسمت وقالت لي شكراً، لكني خرجت وشعرت بالحرج والارتباك".
لماذا يخاف الناس من فكرة التبرع بأعضائهم وهم أمواتاً؟ أو حين يموت أحد أعزائهم؟ سؤال وجهناه إلى الطبيب النفسي اللبناني بيير ضو، والذي يرى أن الأمر مرتبط في مخيلتنا بفكرة الخوف من الموت نفسه، إذ أننا نعلم حقيقة أن الموت يعني عدم الإحساس بشيء، لكننا عاجزين عن تخيل أنفسنا هكذا.
ويضيف "كما أن الناس لديهم نفور طبيعي من فكرة التمثيل في الجثة أو الخوف على تشويه ملامح من نحب أو جسده، أو حتى الخوف من أن يكون محرماً في الأديان المختلفة، وذلك كله نتيجة الجهل".
ويتابع "إن كل هذا يأتي نتيجة لعدم معرفة أي شيء يخص عملية التبرع نفسها، وبما يمكن التبرع به، ويعتمد على نشر الوعي لدى من نريد أن نطلب منه التبرع، بأن التشويه ليس وارداً وأنه سيمنح الحياة والصحة لشخص آخر".
الصدقة الجارية هي أفضل ما نتركه خلفنا، وربما يكون التبرع بقرنية أو كبد أو قلب أو كلية هو أفضل ما نقدمه لأنفسنا ولمن بعدنا، إنها أرقى حالات الإنسانية، وتشبه الاستمرار في الحياة من خلال حيوات الآخرين.
لكن الغالبية العظمى من البشر تنفر من التبرع بالأعضاء، في حين يموت كثير من المرضى وهم في فترة انتظاره ليتبرع أحد ما لفائدته، لكن تحول التقاليد والصور النمطية عن التبرع دون إنقاذه، بالإضافة إلى “الخلط” عند الرأي العام بين التبرع بالأعضاء والتجارة بالأعضاء.
يضطر بعض المرضى أثناء انتظارهم لزراعة العضو، إلى شراء أعضاء من بلدان أجنبية، لكن الحل الوحيد لمئات الآلاف المسجلين في لوائح الانتظار، بينهم أطفال وأمهات وشبان وصبايا، من أجل زرع كلى على سبيل المثال هو أخذ العضو من مريض في حالة وفاة دماغي. ويشترط القانون أخذ موافقة العائلة التي ترفض ذلك في الغالب.
ثقافة التبرع بالأعضاء في بلادنا ما زالت بعيدة عنا، ولذلك تزدهر ظاهرة الإتجار بالأعضاء والتي تتضمن جرائم قتل وخطف.
أنت ما رأيك عزيزتي قارئة "أنا زهرة".. هل أنت مع أم ضد التبرع بالأعضاء؟