ليس سراً القول أن الحمل ما عاد، في حالات كثيرة مستعصياً، حتى أن الإنجاب في عمرٍ متقدم بات متاحاً بعدما أصبح التخصيب الصناعي والتلقيح المجهري وأطفال الأنابيب من حكايات هذا الزمان.
هناك أنواع من التخصيب الصناعي بينها ما يتم في داخل جسم المرأة أي عبر التلقيح العادي من الحيوانات المنوية بعد نزع المواد المعطلة منها وتقويتها، ومنها ما يجري خارج جسم المرأة ويُعرف بطفل الأنبوب.
وتُستخدم في أطفال الأنابيب عادة تقنية من اثنتين: إما الكلاسيكية التي تعمل على تقريب الحيوانات المنوية من البويضة? أو الحقن المجهري بإدخال الحيوانات المنوية الى البويضة عبر استخدام إبرة رفيعة جدا، أكثر رقة حتى من سماكة الشعرة بسبع مرات.
فكيف تتم عملية التخصيب الصناعي؟
مشكلة الانجاب قد تكون في المرأة أو في الرجل، وتتلخص مشكلة المرأة عادة في الأنابيب المقفلة التي تمنع البويضة من الخروج من المبيض أما مشكلة الرجل فتكون غالباً في انخفاض عدد الحيوانات المنوية أو في سوء هذا الحيوانات المنوية.
وفي حالة التخصيب الصناعي تُستخدم إبر لتحفيز المبيض، وحين يُصبح هناك عدداً كافياً من البويضات الناضجة، يصل حجمها الى 18 ميليمتر، وتصبح بطانة الرحم أكثر وسعاً، يجري سحب البويضات التي تعيش 48 ساعة، توضع خلالها داخل حاضنة وتخضع الى شروط طبية دقيقة يُحافظ خلالها على ثاني أوكسيد الكربون ونسبة رطوبة وحرارة محددتين. وأي خطأ في التعامل مع البويضات يؤدي الى موتها، عكس الحيوانات المنوية التي ليست بحساسية البويضات التي قد تعيش، في درجة حرارة منخفضة أكثر من عشرين عاماً. وأثناء عملية التخصيب الصناعي? تخضع المرأة إلى بنج عام خفيف، تسحب بعده البويضات منها وتُسلم الى فني التخصيب الصناعي الذي يعمل على تنظيفها في المختبر ووضعها في حاضنة لترتاح نحو ساعتين، تؤخذ في هذه الأثناء الحيوانات المنوية من الزوج، تُقوى، ثم تجري عملية الحقن المجهري. توضع البويضة المحقونة في حاضنة، في مواد مخصبة، وبعد نحو 16 ساعة يُصار الى الكشف عليها للتأكد من جهوزيتها حين تبدأ عملية انقسام الخلايا داخل البويضة. وبعد 12 يوما من نقل الأجنة الى أحشاء المرأة تخضع الى فحص دم يُبيّن حملها أم لا.
ويعتمد نجاح التلقيح الصناعي على جملة عناصر بينها: عمر المرأة وطبيعة الأنابيب وحالة المبيض والحيوانات المنوية التي يفترض أن تكون أكثر من خمسة ملايين وحركتها تزيد عن ستين في المئة.
من جهة أخرى يختار الأطباء طفل الأنبوب في حالات وجود انسداد في الأنابيب يحول دون ولوج المني أو النطفة فيضطر الطبيب الى سحب البويضة والمني ووضعهما في حاضنة اصطناعية. ويُعتمد هذا الحلّ عادة في حالات البطانة الهاجرة، أي حين تهاجر خلايا من بطانة الرحم وتدخل الى البطن وتعزز إفراز مواد سامة فيه.
يُذكر أن من تخضع الى طفل الأنبوب بسبب هذه الحالة تعود بعد أن تنجب طفلها الأول الى الحمل طبيعيا لأنها تكون قد تخلصت من مشكلتها.
ويلعب العمر لعبته في نجاح أو فشل قرار الإنجاب? لأن مخزون البويضات عند المرأة يتضاءل مع تقدمها في العمر كما أن نوعية الإباضة تتأثر سلبا وتتدهور مع التقدم في العمر، بينما يحقق الرجل، على نقيض المرأة، إنتاجا منظما لحيواناته المنوية طوال المراحل العمرية. فمثلاً حين تصبح المرأة في سن الأربعين تكون بويضاتها قد بلغت هي أيضاً سن الأربعين? بينما يكون عمر الحيوانات المنوية عند رجل في الأربعين ثلاثة أشهر? لأنها تتجدد في كل مراحل الرجل العمرية ما يُبقيها شابة. ومن المهم أن تعرف المرأة أنه بالكاد يمكن استخراج ثلاث بويضات جيدة من أصل عشر استخرجت من امرأة في الأربعين في حين يمكن استخراج أكثر من عشرة أجنة جيدين من عشرين بويضة من امرأة في العشرين. ولكن هذا لا يعني أن تُصاب المرأة في الأربعين بالإحباط واليأس فالأطباء باتوا قادرين مع التقنيات الحديثة والدقة في التشخيص على تحسين إنتاج النساء اللواتي تقدمن في العمر ولم يمارسن بعد أمومتهن. صحيح أن الطب تقدم كثيراً لكن لسوء الحظ، ما زال الطب يبحث عن أدلة وأسباب تحول دون حمل نحو عشرة في المئة ممن يقصدون العيادات أملا بالإنجاب. ولعلّ العامل النفسي أحد أبرز الأسباب غير الملموسة التي تمنع بعض النساء من الإنجاب لذا يعمد بعض الأطباء الى إخضاع من ينضوينّ في هذه الفئة الى معيار معين يُحدد نسبة توترهن وفي حال كانت نسبة التوتر مرتفعة? يخضعنّ الى تقنيات طبية تجعلهن في أجواء مساعدة ملائمة يتجاوزن بها حالاتهن النفسية السيئة ويُحققن ما يردنّ? لأن الحمل الطبيعي يتطلب حدوث إباضة وقنوات فالوب سليمة ورحماً وعنق رحم سليمين، والحالة النفسية المستقرة الجيدة عامل أساسي في حالات كثيرة. وكلنا نعلم أن المرأة حين تنوي الإنجاب وتفشل تسوء حالتها النفسية وهذا ما يؤثر أكثر على نجاح قرارها بالإنجاب.