في زمن تغيّرت فيه القيم وزاد حُب النفس والأنانية، هل لا تزال الأم هي الشمعة التي تذوب لتُضيء درب عائلتها؟ أم كُسرت صورتها المقدسّة عند اللواتي يدللن أنفسهنّ على حساب أسرهن؟
يعتقد الدكتور محمد جاسم عكران، أستاذ التربية في جامعة الإمارات في العين أن هناك بعض الأمهات إلى اليوم هنّ الشمعة التي تذوب لتضيء درب العائلة، ولكن في المقابل هناك أمهات يفضلن أنفسهن على أسرهن? مثل الأم التي تهتم بعملها وزينتها وتبرّجها وخروجها مع الصديقات وسفرها وما هناك من أمور شخصية، ما جعلها تهمل واجباتها المنزلية وتترك أولادها على الخادمة أو على عاتق الأب.
ويرجّح د.عكران أسباب تبدّل أولويات الأم إلى البيئة المتغيرة والانفتاح، وخروج المرأة لتحصيل شتى الفرص، كتحصيل العلم بالخارج أو السفر بمهمات عمل، الأمر الذي يملي التحول نحو التفكير بالذات والتطور على حساب الواجبات المنزلية والاهتمام بالأسرة وممارسة الأمومة الفعلية بمعانيها الحقيقية.
من جهتها? ترى الدكتورة مريم الشناصي، الرئيس التنفيذي لدار الياسمين للنشر? أنّ الأم أخذت منحى حياتياً جديداً وتطورت الأمور بالنسبة إليها، ولكنها هي دائماً وفي كل الظروف، المعطاء التي تقدم وتضحي من أجل أبنائها? ولا يمكن الارتكاز على بعض الحالات الفردية التي أثيرت في وسائل الإعلام والتي تبيّن أن هناك نوعاً من الأنانية أو اللامبالاة عند بعض الأمهات تجاه أسرهن وأطفالهن، كما لا يمكن تعميم الأمر هذا على كل السيدات، فالفتاة بشكل عام ولاسيما الشرقية، تميل بشدة إلى الأمومة والتضحية والعطاء، ولو تغيرت الأمور وظهرت حالات فردية "غير تقليدية" لصورة الأم في المجتمع.
الدكتورة أمل حميد بلهول، مستشار الشؤون المجتمعية لمؤسسة وطني الإمارات? أشارت بدورها إلى أنه لا يمكن التعميم على الأمهات بأنهن يفضلن الذات على أسرهن? وهناك سيدات غير مباليات أساساً بتأسيس عائلة ونحن لا نعرف عددهن أو نسبتهن، لهذا علينا أن نتروّى قبل أن نتهم الأمهات بأنهن فقدن معاني الأمومة.
أمّا الدكتور محمد أبو العينين، أستاذ علم الاجتماع في الإمارات في العين? يعتبر أنّه على الرغم من التغييرات التي طرأت على منظومة القيم في كل المجتمعات نتيجة التغيرات المادية والتكنولوجية، إلا أن الأم تظل رمزاً للحب والحنان والعطاء.
وأضاف أبو العينين "بما أن الأم هي عماد الأسرة ونقطة الارتكاز التي ترتكز عليها هذه المؤسسة الاجتماعية المهمة والحيوية، يتوجب علينا أن نحافظ على مكانتها ونترجم كل المبادئ التي جاءت بها الأديان والتقاليد العريقة إلى واقع يحافظ على الأم كرمز وكيان. وحتى لو وجدنا اليوم قلة قليلة من الأمهات اللواتي انجرفن إلى تيار الأنانية وحب الذات، علينا أن نعدل المسار ونبحث جدياً عن الأسباب التي قد تجعل أماً تتخلى عن دورها التاريخي كمنبع للحب والحنان والإيثار، وتتحول إلى شخصية أنانية على عكس فطرة الأم وطبيعتها".