تحدثت الدكتورة رنا الصيرفي مديرة برنامج "كن حرّاً" في جمعية البحرين النسائية للتنمية الإنسانية? عن مفهوم الاعتداء الخفي على الأطفال والموجّه من الآباء تجاه أبنائهم? مشيرةً إلى أنّ هذا الاعتداء هو الدلال الزائد أو المفرط، حين يتساهل الآباء مع أبنائهم ويبالغون في الاهتمام بهم وفي حمايتهم، بحيث يكون لذلك تأثير سلبي? ويُطلق عليه "الاعتداء الخفي"، لأنه لا يبدو في ظاهره بأنه اعتداء، وكثيراً ما يمارسه الآباء بقصد الاهتمام بأبنائهم وليس بقصد الإساءة إليهم، في حين أنه من أسوأ أنواع الاعتداء العاطفي على الطفل.
وتضيف "الصيرفي" أن لهذا الاعتداء مظاهر وأشكال مختلفة، ولكن ليس بالضرورة أن تكون لدى الآباء الذين يدللون أبناءهم جميع هذه المظاهر وإنما قد يكون أحدها أو بعضها.
ولخصت د. رنا في حوار خاص مع زهرة الخليج مظاهر وأشكال الاعتداء الخفي بالآتي:
- الاستجابة والرضوخ لإلحاح وضغط الأبناء وتلبية طلباتهم، التي قد تكون مُضرّة صحياً وخطرة، أو غير مناسبة لأعمارهم، أو مسيئة إلى أخلاقهم. لأن الاستجابة لإلحاح الأبناء يؤثر سلباً في ثقة الأبناء بأولياء أمورهم، فلا يعود لكلمتهم معنى أو قيمة، خاصة إذا كان الأبناء يعرفون أنهم في النهاية سيحصلون على ما يريدون.
- القيام بأمور نيابة عن الطفل وهو قادر على القيام بها، مثل إلباسه الحذاء وملابسه، أو القيام بعمل واجباته المدرسية نيابة عنه، في حين أنه في سن قادر على القيام بذلك بمفرده.
- المبالغة في الاستجابة لأي أذى أو ألم يتعرض له الطفل? لأن هذه المبالغة لا تساعد الطفل على إعطاء الأمور حجمها الطبيعي، وبالتالي يصبح تضخيم الأمور جزءاً من طريقة الطفل في التعامل مع أحداث الحياة.
- المبالغة في الاحتفالات الخاصة بالأطفال، فنرى في مجتمعاتنا صوراً مبالغ فيها للاحتفالات، ومنها الاحتفال بذكرى ميلاد الأطفال. فيتم صرف مبالغ طائلة لأجل ذلك وتوفير الكثير من الرفاهية والمتعة.. فهذه الاحتفالات تكرّس لدى الأبناء شعور الاستحقاق والمطالبة.
- عدم مراقبة الأبناء، وذلك في إعطائهم حرّية عمل ما يحلو لهم? كالخروج مع الأصدقاء والبقاء إلى وقت متأخر من الليل.
- الدفاع عن خطأ الطفل وحمايته من تحمّل تبعات خطأه? وهذا الأمر لا يساعد الأبناء على التعلم من تلك الأخطاء، بل بالعكس فهم يتعلمون قاعدة مدمّرة للتطور الذاتي، وهي التنصل من أي خطأ يقومون به.
وأشارت "الصيرفي" إلى أن أحد أسباب الدلال الزائد للأبناء هو شعور الأهل بالذنب لعدم تواجدهم مع أولادهم بسبب العمل? مما يدفعهم إلى المبالغة في توفير الألعاب وسبُل الترفيه لتعويضهم. وإن هذا الشعور الذي يحمله الوالدان يلتقطه الأبناء بسرعة وقد يستغلونه، أو قد يتعمّق لديهم فيظهر في صور المطالبة المتواصلة.
أمّا السبب الثاني قد يكون قلة صبر الأهل على تعليم الأبناء. فعوضاً عن الانتظار لقيام الأطفال بمسؤولياتهم، مثل لبس الحذاء أو الملابس، يلجؤون إلى القيام عنهم بهذه الأمور. وقد يربح الآباء بعض الوقت في ذلك، ولكن الطفل يكون قد حُرم من تعلّم مهارات أساسية. كما أن ضغط المجتمع الكبير على الأبناء والآباء يلعب دوراً كبيراً أيضاً، فالأطفال يتحدثون فيما بينهم عن أحدث الأشياء التي اقتنوها، والأماكن التي زاروها، وغيرها من الأمور التي تزيد على الآباء ضغوطاً نتيجة طلبات الأبناء، والمقارنات فيما بينهم.
ودعت د. رنا أولياء الأمور إلى عدم الانجرار في الدلال المفرط لأولادهم عبر اتباع طرق عديدة مثل? مراجعة طريقتهما في تربية الأبناء وتأثيرها فيهم? وتحديد حدود معينة أو قوانين في الأسرة والثبات عليها
وعدم الرضوخ لضغوط الأبناء، بالإضافة إلى ضرورة تحديد مسؤوليات الطفل في المنزل حسب سنّه وذلك
لمساعدته على بناء مهاراته وزيادة ثقته بنفسه وتقدير الأسرة.
وتحدثت "الصيرفي" عن برنامج "كن حرّاً" الذي يقدم العديد من الورش التدريبية للأطفال والمراهقين، ويصمم بعض البرامج التدريبية، بحيث يقدم ورشاً لأولياء الأمور حول موضوع معين، وورشاً أخرى حول الموضوع ذاته ولكنها للأطفال، وبذلك تكون الأسرة بجميع أفرادها تناولوا المفاهيم ذاتها، ولكن كلاً من منظوره.
ويساعد البرنامج الأطفال على فهم دورهم بشكل أفضل في الأسرة، وعلى بناء علاقة مَودّة مع والديهم، وكيفية التفريق بين الحاجات والرغبات.