متى يفهم صبحي أنني لا أملك في هذا العالم كله سواه؟ لعله يتصور أنني إنسانة أنانية، أتلون وأقوم بمواقف تمثيلية مفتعلة، لكي أكون مركز اهتمام الكون كله. لكنني لا أريد الكون بل زوجي، وحده لا غير، الرجل الوحيد الذي أشعر معه بالأمان، الرجل الخاص بي الذي يتملكني رعب دائم من مجرد التفكير في أنني يُمكن أن أفقده. أعرف أن صبحي يحبني، لكنني لا أضمن أن يدوم هذا الحب غداً أو بعد غد. لذلك أجد نفسي متوترة حين يتوزع اهتمامه على أقارب أو أصدقاء يرتبط وإياهم بالود والدّعة.
حين نذهب لزيارة والدته، أراه يتمدد حيث تجلس ويضع رأسه في حِجْرها، كأنه طفلها الكبير الذي لا يزال يطلب أمومتها وحنانها. ما موقعي وأنا أراها تمسد رأسه وتمشط شعره بأصابعها؟ من يضمن لي أنها تحبني وراضية عني ولن تحرّض ابنها على الاقتران بزوجة أخرى؟ لا أدري ما يحدث لي في مثل تلك المواقف، حيث أشعر بغصة في حلقي ونغزة في قلبي، ويشحب وجهي فيخاف زوجي عليّ ويأخذني بسرعة إلى البيت، أو إلى الطبيب. وحالما ننفرد في السيارة أتمالك نفسي وتتحسن أحوالي وأعود عال العال.
حاولت أن أتخلص من هذه الأعراض واستشرت طبيبتي النسائية، لكنها لم تفهمني واقترحت عليّ رؤية طبيب نفساني.. لست مجنونة لكنني أعشق زوجي. هل يكون الحب مرضاً من الأمراض المستعصية؟ كل ما أريده من دنياي أن أكون وحيدة مع صبحي، لا أحد يشاركني فيه. لذلك أشعر بالضيق حين أراه مسترسلاً في الحديث مع صديق من أصدقائه، غافلاً عني، منصرفاً إلى اهتمامات لا أفْقَهُ منها شيئاً. وحين ذهبنا، مثلاً، لزيارة صديق قديم من أصدقاء طفولته، شعرت بنفسي خارج الملعب، بينما كان الصديق وزوجته يلعبان في الساحة وزوجي يشاركهما المرح والضحكات.
إن اختناقي ليس تمثيلاً ولا نكداً.. أنا سمكة تسبح في نهر هذا الرجل ولا حياة لي خارج مياهه. لقد فزت به في ظرفٍ قاسٍ حرمني من الكثير، ولست مستعدة للتفريط فيه مهما حاول الآخرون أن يدخلوا على الخط ويشوّشوا فضاء حياتنا. ليت بيتنا كان من دون باب ولا شبابيك!