من الممكن اللجوء إلى ماضيك، لكن بالدرجة التي تعينك على رسم معالم حاضرك ومستقبلك، كأن تعود للوراء في تفكيرك للاستفادة من خبرة أو تجربة مررت بها، أو تذكر شخصاً أثر في حياتك، أو أحداثاً ساعدتك على الترقي والتقدم. كل ذلك مقبول، أما أن تغوص في ظلمات الماضي وتبقى أسيراً له، فهذا غير مرغوب، ومن الضروري أن تضع في اعتبارك أن الخطأ صفة بشرية لا يمكن التخلص منها، وأن التفكير في أحداث الماضي لن يمنعك من الوقوع في الخطأ مرة أخرى.

توقف عن التفكير في الماضي

هناك العديد من الأسباب التي يمكن أن تشجعك على عدم الانشغال أو التفكير في الماضي. أولها: أن الأحداث الماضية قد ذهبت بلا رجعة، وبالتالي ليس في يديك ما يمكن أن تقدمه، لأن الماضي قد ولى وانتهى أمره، وهذه حقيقة لا يمكن أن تغفل عنها. أما السبب الثاني فيتمثل في أنه، سواء أرهقت نفسك بالتفكير في الماضي أم لم ترهقها، فلن يغير ذلك من الأمر شيئاً، فقد حدث بالفعل ما كنت تخشاه أو تخافه، كما أنك تعيش في الوقت الحالي، ولديك العديد من الأولويات الأخرى التي يجب أن تشحذ تفكيرك بها.

تخلص من أوهام الماضي

على الرغم من القناعة الشديدة بضرورة التوقف عن الغرق في أوهام الماضي وأحداثه، إلا أنك قد تجد صعوبة بالغة في ذلك، ربما يرجع الأمر كله إلى التعود وكثرة الاستغراق في هذه الأفكار الخاصة بالماضي. إليك بعض الطرق التي سوف تخلصك من شبح الماضي:

1 تسامح

الشخص الذي لا يمتلك قدرة على التسامح يتحين الفرص عندما يتألم في حياته لأي سبب من الأسباب، وسرعان ما يتبادر إلى ذهنه الأشخاص الذين سببوا له الضرر أو الألم في الماضي، وعندما يتذكر هؤلاء تتوارد إلى ذاكرته أيضاً الأحداث والمواقف التي شاركهم فيها، وكيف كان لذلك تأثير في حياته، لكن مع التحلي بصفة التسامح فإنك تغلق على نفسك هذا الباب، تناسَ تماماً الأشخاص الذين أخطؤوا في حقك، ولكن هناك فرقاً كبيراً بين التسامح وعودة الثقة لشخص آذاك، أو أهانك أو جرحك، فالتسامح موهبة وفطرة، أما الثقة فهي أمر مكتسب.

2  استمتع بيومك

لكي تلهي نفسك بعيداً عن مآسي الماضي، لا بد أن تسعى دائماً إلى الاستمتاع بيومك، مع التركيز على الإيجابيات الموجودة بحاضرك الآن، مهما كانت صغيرة أو ضئيلة، فإنها بالطبع عظيمة وكبيرة إذا ما قورنت بالأحداث الماضية التي من المفترض أن تكون قد أصبحت في طي النسيان.

3  لا تخجل

مهما كانت الأخطاء التي قمت بارتكابها في حياتك الماضية، سواء أكانت هذه الأخطاء عن قصد أم من دون قصد، فلا يجب أن تظل طوال حياتك أسيراً لهذه الأخطاء، تتحسر عليها وتندم على ما قدمت من أخطاء في حق نفسك، وفي حق الآخرين من حولك. اسأل نفسك: لماذا الخجل من ارتكاب الأخطاء؟ إنه من الطبيعي أن نخطئ جميعاً، فلم يُبنَ العالم على أساس أن الناس سوف تقوم بعملها ووظائفها في المجتمع من دون أن تخطئ، وما دام الخطأ صفة بشرية نشترك فيها جميعاً، إذن يجب ألا تخجل من هذه الصفة الشائعة.

4 توقف في الحديث عن الماضي

هناك مثل إنجليزي يقول: «لسان المرء هو الذي يمنحه الحياة أو الموت»، هذا المثل يعبر عن قوة اللفظ وتأثير الكلام، فكل مرة تتحدث فيها عن مشاكل الماضي وآلامه، فإنك في هذه الحالة تقوم بجلب هذه المشكلات، ونقلها إلى الواقع الحالي، إذا كانت جروح الماضي قد اندملت، وقاربت على الالتئام فلماذا تقوم أنت بخدش هذه الجروح من جديد؟

نعلم أن الحديث عن الماضي أو التوقف عنه ليس بإرادة الشخص، لكنه يجد نفسه تلقائياً مضطراً إلى الرجوع إلى الوراء، وتذكر هذه الأحداث المؤلمة، الأمر كله عبارة عن عادة فعليك أن تتعرف إلى وسائلك الفعالة في التخلص من مثل هذه العادات السلبية.