حين قتلت الخادمة الفلبينية ريجيو بينتو عام 2007 الطفل سالم العتيب (7 سنوات) بشكل بشع وحاولت قتل شقيقته وشقيقه ظهيرة يوم جمعة هادئة? تعرّض الرأي العام الكويتي لصدمة كبرى، فالجريمة قد تتكرر في أي منزل ولأي سبب، مما جعل كثيريون يطالبون بتشريع قانون يضمن عدم استقدام أي عمالة منزلية قد تكون مصابة بأمراض عقلية ونفسية.
«زهرة الخليج» طرحت هذا الموضوع للبحث.
القانون لم يرَ النور رغم مرور 11 عاماً ففي العام نفسه قامت الخادمة الفلبينية جاكيتا بطعن الفتاة دلال النقي (22 عاماً)، بسبب حالة نفسية تعرضت لها الخادمة بعدما علمت أن زوجها في الفلبين ارتبط بأخرى، ولم يشفع لدلال خمس سنوات من العشرة قضتها جاكيتا في منزلها، ربما كان سيحمي دلال وجود قانون يتيح للأسر التأكد من الحالة العقلية والنفسية للعمالة المنزلية في حال تبادرت لهم الشكوك حول ذلك. تكرار الجرائم الجرائم تكررت فبعد أربع سنوات من ذبح سالم ودلال، أقدمت خادمة إثيوبية على نحر الشابة الكويتية عائشة الفيلكاوي قبل ساعات من زواجها، والمؤلم أن عائشة كانت قد أهدت هذه الخادمة القاتلة هدية قبل مقتلها بأيام بمناسبة عودتها من السفر. وكانت عائشة ذكرت لشقيقها قبل ساعات من مقتلها أن الخادمة تنظر إليها بشكل مُريب، وهي النظرات التي كانت يمكن أن تكشف هذه الجريمة قبل وقوعها لو كانت هناك قوانين وثقافة عامة تتعامل مع النوازع الإجرامية لدى العمالة المنزلية حين تبدأ بالظهور. أسباب مرضية ونفسية وعمّا إذا كانت هناك أسباب مرضية ونفسية تقف كدوافع لجريمتها البشعة، يقول المحامي بشار النصار، إن تقارير مستشفى الطب النفسي في الكويت تؤكد أن المتهمة مسؤولة عن تصرفاتها وأنها غير مصابة بأي أمراض نفسية أو عقلية لهذا تم صدور الحكم بإدانتها بجريمة القتل مع سبق الإصرار. ويرى النصار أن الخلل يكمن في طريقة استقدام العمالة المنزلية من دون التأكد من أهليّتها أو مستوى التعليم أو البيئة المحاطة بها، فبعض تلك الخادمات ذوات نوازع إجرامية ويعشن في أماكن نائية ومحاطات بالجهل ولا يخضعن قبل استقدامهن للعمل في دول الخليج لدورات في معاهد متخصصة لتدريب العاملات في المنازل من أجل تهيئتهن نفسياً وعملياً ومهنياً للعمل وفق طبيعة مجتمعات الخليج العربي. القانون وتغليظ العقوبة ورغم أن قانون الجزاء الكويتي يشدد على تغليظ العقوبة إذا ارتكب الخادم إحدى جرائم الجنح كالضرب، وبعقوبة قد تصل إلى عشرين سنة، إلا أن القضية لا تتعلق بمقدار العقوبة بل بالقدرة على منع الجريمة من الأساس، وهو أمر لا يمكن إثباته، خصوصاً إذا ثبت أن الخادمات لا يعانين أمراضاً نفسية وعقلية، فارتكابهن الجرائم ناتج عن التصرف الإجرامي اللصيق بشخصياتهن ومعتقداتهن، وكذلك نتيجة لبعض الضغوط التي قد تتعرض لها الخادمة، فتجعلها تقوم بأي فعل إجرامي بأي لحظة ومن دون سابق إنذار. إجراءات وقائية وعن إمكانية الاختبارات النفسية والعقلية في الحد من هذه الجرائم، يؤكد النصار أنه يجب الإشارة إلى مسؤولية مكاتب الخدم التي تستقدم بعض الخادمات اللاتي تمّت إدانتهن بجرائم في بلدانهن أو أن حالتهن الصحية والتعليمية والأسرية لا تسمح لهن بالعمل مع الأطفال. مشيراً إلى أن القانون لا يشترط إجراءات معينة قبل استقدام الخادمات للعمل في المنازل، ولكن في حال ثبت أن الأم والأب قاما بإهمال أبنائهما بتركهم لدى الخدم طوال الوقت وحصل الضرر، فهنا تتم محاكمة الوالدين. لهذا ينصح بالقيام بإجراءات وقائية تتيح كشف أي ضرر قد يحصل للأطفال بشكل مبكر، ومن ذلك وضع نظام للرقابة عبر الكاميرات التي تتيح للوالدين مراقبة ما يحصل عن بعد وخلال التواجد في خارج المنزل. تصريح بالسلامة النفسية أما عن الأسباب النفسية التي تقف وراء حصول هذه الجرائم، ورأي المتخصصين في علم النفس عن هذه القضية فتقول أستاذة علم النفس في جامعة الكويت، الدكتورة هدى الفضلي: «إن معرفة الخلفية النفسية للخدم تحتاج إلى تطبيق اختبارات نفسية لمعرفة الطبيعة الشخصية ومقدار الذكاء لأن ذلك يساعد على فهم الخدم ومعرفة الطريقة الأفضل للتعامل معهم وبالتالي تكليفهم بالأعمال المناسبة لهم. تشريع لحماية الطرفين وتعتقد الفضلي أن الخطوة الأولى لمعالجة ظاهرة جرائم الخدم تكمن في وجود تشريع يحمي الخدم وأصحاب العمل، يتم فيه التوضيح لكل منهما الحقوق والواجبات من دون مُحاباة لطرف على حساب الآخر، على أن يتم تطبيق هذا القانون على من يخالف بشكل صارم. مؤكدة أنه إذا لم يكن هناك قانون قائم على أسس علمية صحيحة فلن تتم السيطرة على أي مشاكل قد تحدث، فالحلول الترقيعية لا تجدي نفعاً.