في 6 مايو 2018، تَحلّ الذكرى المئوية لميلاد باني الدولة، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان (طيّب الله ثراه). في مثل هذا اليوم ولدت شخصية استثنائية، أثبتت مع الأيام تمتّعها برؤية فذّة، سبقت عصرها وزمانها، من دون أن تفقد ارتباطها بأرضها وأهلها وشعبها. قرن مضى على ميلاد رَجُل ذي بصيرة، حوّل الصحراء إلى جنان خضراء، وأرْسَى قواعد بناء دولة، وغرَس في نفوس شعبه حُبّ العلم والعمل وعدم الاستسلام أمام الصعوبات. مَن عَرَف زايد في شبابه لمَس فيه صفات الرّجُل القائد، صاحب الحكمة والحنكة، والإنسان المتواضع المحب للخير في الوقت ذاته. فمن النصوص التي انْطوَت على وصف نادر للشيخ زايد، رحمه الله، ما جاء في السيرة الذاتية التي وضعها السير إدوارد هندسون: «كان بَهيّ الطلعة، ذا عينين ذكيّتين على مَسْحة من الفكاهة، وكان حُضوره آسراً، ولباسه بسيطاً، لكنه دون رَيْب رَجُل فعْل ومُبتكر حُلول.. ومع أنه كان في مطلع الشباب ولم يَمضِ عليه واليَاً على القسم التابع لأبوظبي من الواحة والجوار الصحراوي سوى سنتين، كان خبيراً بشؤون المنطقة وسياستها، وكان الشخصية الأكثر مَهَابةً واحتراماً في تلك المنطقة. كان على علاقة متينة بالبدو...».
كذلك كتب الرحّالة البريطاني ويلفريد ثيسيجر، الذي حَلّ مِراراً ضيفاً عند الشيخ زايد، مستعيداً ذكرى اجتماعه الأول به في قصر المويجعي: «... كان رَجُلاً قويّ البنْيَة، في الثلاثين من العمر، ذا لحية بنّية ووجه ينضح قوّة وذكاءً، أمّا عيناه فتُحدّقان إليك بثبات، في حين يتصرف بهدوء ولكن واثق كالسّادة. كان لباسه بسيطاً جداً، إذ كان يرتدي قميصاً مكسور البياض وسترة بقيت أزرارها مفتوحة. كان يُميّزه عن مُرافقيه عقاله الأسود وطريقة ارتدائه الكوفية، بحيث كان يتركها تنسدل فوق كتفيه بدل أن يلفّها حول رأسه، على ما كان مألوفاً محلياً...». قرن مضى، وها هُـم أبناء زايد اليوم يستزيدون من فكر الراحل الكبير ويستلهمون من مسيرة رَجُل التحولات التاريخية وأقواله وحكمته، أحلامهم وطموحاتهم لإعلاء شأن بلادهم كما أوصاهم زايد. قرن مضى على ميلاد واضع أسس النهضة العصرية لدولة الإمارات العربية المتحدة، وما إعلان صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة (حفظه الله)، أنّ عام 2018 سيحمل شعار «عام زايد»، سوى عربون وفاء وتقدير للقائد المؤسس وإنجازاته المحلية والعالمية.