الدكتورة عائشة بنت بطي بن بشر
لو حاولنا أن نحصي المرات التي نقول فيها (سقى الله على أيام لوّل أو أيام الطيبين) لن نستطيع! لأنها عبارة من فئة السهل الممتنع ومرتبطة بحالة شعورية نستحضر فيها جمال بساطة العيش والسلوك الاجتماعي وصدق المشاعر. فهي استحضار لذكريات تزودنا بجرعة سعادة فورية سرعان ما تتلاشى لنعود بحثاً عنها. ولكننا نظل نتساءل ما السر في تلك الأيام الذي جعلها سعيدة رغم عدم توفّر ما لدينا اليوم من وسائل الراحة والتقنيات وغيرها الكثير؟
ولأن آلة الزمن لم تُبتكر بعد لنذهب لزيارة من اشتقنا لهم ونعود للحظات التي نفتقدها ونَصِفُها بأيام الطيبين تساءلت لماذا لا نسعى لإيجاد جماليات أو عناصر حياة نعتقد أننا نفتقدها في حياتنا اليوم؟ ونضيفها للمستقبل بحيث يصبح لنا خيار تذكر أيام الطيبين والابتسام، ولكن في الوقت ذاته نتحكم ببناء مستقبل اخترت أنا أن نسميه مستقبل الطيبين. نعم مستقبل يبدأ من اليوم ومن اللحظة التي نعيشها ونورثه لأجيال المستقبل ليصبح لديهم عبارة قد تكون مثل (سقى الله على حياة الطيبين والمستقبل اللي بنوه). وُلِد هذا الحوار في رأسي ونحن نحتفل للعام الثاني بفعالية اسميناها (المستقبل الآن) ونعرض فيها نتائج عملنا لتحويل الاستراتيجيات والخطط والتقنيات لتجارب إنسانية سعيدة في المدينة، وقد اخترنا أن نسمي الفعالية (المستقبل الآن) لتعكس مقولة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «المستقبل لا ينتظر أحداً ...» و«نحن نصنع المستقبل ولا ننتظره»، ولذا أردنا عبر الفعالية أن نُطلع سكان دبي على ما أنجزناه حتى الآن وإشراكهم في المراحل المقبلة مما نبنيه لجعلها المدينة الأذكى والأسعد. فاليوم لدينا فرصة لا تعوض لبناء الحياة التي تجعل وقتنا هذا والمستقبل يحملان معه أفضل أسلوب حياة يتمناه إنسان. التقنية لن تتوقف عن التطور وسنسمع كل يوم عن مصطلحات جديدة، لكن في المقابل لدى كل واحد منا فرصة المشاركة في اختيار كيف تؤثر هذه التقنيات والتجارب المختلفة المرتبطة به في حياته. ولكن يبقى السؤال هل يمكننا تصميم مستقبل الطيبين؟ إجابتي نعم، وهذا ما نعمل عليه ليل نهار لإيجاد تجارب إنسانية تضفي السعادة على حياة الجميع في دبي، وحتى نُشرك مختلف مدن العالم في الاستفادة من التجربة وتطبيقها كل حسب إمكاناته، أطلقنا (شبكة دبي الذكية العالمية) خلال مايو 2018 لنمنح كل مدن العالم فرصة الاستفادة من تجاربنا وأي تجربة مميزة حول العالم. أنا أؤمن أن (مستقبل الطيبين) على بعد قرار شخصي لكل واحد منّا، فمثلاً لماذا لا نُحصي التجارب الجميلة التي نتذكرها ونفتقدها ونبحث عن مقابلها في حياتنا اليوم ونسأل أنفسنا ما الصعوبات أو التحديات التي يمكن أن تزول لو استخدمنا الحلول التقنية أو الذكية المتاحة في هواتفنا الذكية مثلاً، قد يكون القرار أن أحدنا لن يدفع فاتورة ورقية أو يذهب لمركز خدمات لدفع فواتيره بعد اليوم، بل سيفعل ذلك رقمياً وغيرها من الأمثلة العديدة، لأن قائمة الخدمات الرقمية تطول. قد نعتقد أن التطور أخذ منّا هدوء البال وفرصة الاستمتاع بلحظات الحياة، لكن العكس صحيح فالتطورات التقنية والخدمات المتاحة اليوم تعني ساعات يمكن أن يوفرها كل شخص بقرار بسيط يتخذه. فما هو مستقبل الطيبين الذي تريدونه لكم. سقى الله على مستقبل الطيبين!