صارت عملية الظهور الإعلامي المصطنع والصناعي، تشبه حالة الهوس والجنون. لم تعد هناك معايير ولا مقاييس تحكم تصرفات بعض الشخصيات الإعلامية العربية.

ففي لبنان مثلاً، خاضت المذيعة الشهيرة ديما صادق (مذيعة أخبار تلفزيون LBC اللبناني) معركة حامية الوطيس، مع زميلتها المرشحة للانتخابات النيابية جيسيكا عازار (مذيعة أخبار تلفزيون MTV). وتبادلتا العبارات المهينة على مواقع التواصل الاجتماعي. فقد عبّرت ديما صادق عن رأيها بثقافة جيسيكا بشكل جريء جداً، عندما كتبت لها: «نحن نعرف أنك لا تعرفين شيئاً، ونعرف من الذي يكتب لك تغريداتك»، مُتّهمة إيّاها بالجهل أمام ملايين المتابعين، وهي المرشحة للانتخابات النيابية.

في مكان آخر من هذا العالم العربي، تهين المذيعة الكويتية مي العيدان، الفنانة الإماراتية بدرية أحمد، وتتهمها بأبشع النّعوت. وتكاد تتحوّل لغة التخاطب عبر التواصل الاجتماعي واليوتيوب إلى ما يشبه الفضائح المتبادلة.

ودخل الأبناء أيضاً في التخاطب العلني، والمسجّل بالصوت والصورة. والنتيجة فضيحة و«شرشحة». أما الكاتبة والصحافية الكويتية فجر السعيد، فقد انفعلت غَيْرةً على سمعة وتاريخ فنانة مصرية كبيرة.

وببعض الحماسة، طلبت من النجمة المصرية المعتزلة نجلاء فتحي أن تتوقف عن نشر صورها، التي تقدمت بالعمر، حفاظاً على صورتها في نظر جمهورها، فنالت ردوداً عنيفة جداً من ممثلات مصريات، منهنّ إلهام شاهين. وجاء أيضاً الردّ القاسي من مذيعة برنامج «القاهرة اليوم» في «قناة اليوم OSN»، اللبنانية مايا جول حداد، جعلتها تخرّج عن طورها وتكيل لها الشتائم يمنة ويساراً، مضيفة بعض العبارات النابية والقاسية في حق لبنان واللبنانيين عموماً.

على جبهة أخرى، تطلّ علينا المذيعة الكويتية حليمة بولند، وهي تخضع لعملية سحب دم لا نعرف سببها، فتصوّر العملية بالصوت والصورة مُرفقة بتأوّهات مبالغ فيها، فإذا هي تنتزع من المتابعين الكثير من التعليقات والكلام السلبي. بالخلاصة، يبدو واضحاً أن إثارة الزوابع الإعلامية صارت هواية وحرفة في وقت واحد، لدى أغلب المذيعات.

واللجوء إلى أسلوب الحرب الكلامية، يعني أن الشهرة ستأتي حتماً، ولو كانت شهرة سلبية. ونحن بتنا اليوم نعرف أنه كلما زاد عدد المتابعين على صفحات المذيعات في الانستجرام والتويتر والفيسبوك، زادت نسبة اهتمام المعلنين والمحطات التلفزيونية بهنّ وبحركتهن الإعلامية.

لم تعد هناك حدود لهذا الانفلات الزائد، وما عادت الواحدة منهن تترك مجالاً للياقة وأصول التخاطب. فالزميلات اليوم صرن عدوّات، لا تتركن للصلح مجالاً ولو بسيطاً. وما أسهل من استثارة غضبهن اليوم، إلا قدرتهن على الرّد الفوري وبلا تردّد.

منذ سنوات قليلة، كانت الخلافات تبدأ على صفحات المجلات فتأخذ عملية تبادل الردود أسابيع طويلة. اليوم، يبدأ الخلاف بلحظة، وخلال دقائق تكون التغريدات السلبية المتبادلة تملأ فضاءات الإنترنت حول العالم. نحن اليوم صرنا في عصر الإعلام الجديد، لكنه صار أيضاً، مليئاً بالبذاءات والانفعالات، وقليل القيَم والأخلاق!