قسم اللغويون الكلام إلى أقسام وأصناف، ووضعوا له الكثير من التعاريف، ولست بصدد ذكر ما قيل عن أنواع الكلام والجمل، أردت هنا أن أشير إلى كلمات في اللغة أسميتها كبرى، لأنها تحمل أكثر من دلالة، وفي حالات كثيرة لا يوجد معنى محدد لها ، كالأفعال والحروف. والكثير من هذه الكلمات تأتي في الصيغة الإيجابية، مثال على ذلك من الكلمات التي ليس لها تعريف محدد، وتأخذ إفراد المعنى الذي تريده منها، وعلى مستوى الشعوب أحياناً، كلمة الحب والشعر والوطن والأرض، فالأرض على سبيل المثال، هناك أرض محايدة وأرض للبيع وأرض مقابل السلام وأرض كالعرض، والقائمة تطول. أما في الجوانب السلبية فإنها محدودة، حيث في الكثير من الأحيان يتدخل القانون ليعرف كلمة غائمة، مثال كلمة خيانة، فهي تختلف من شخص إلى آخر، ولكنها بالمقابل ليست بذات الشيوع كما هي مفردة الوطن، أوالحب أو السلام الذي يتفق البعض على أنه التحية، أما السلام الذي ننشده في فلسطين فهو بعيد، ولديه أكثر من وجهة نظر، وهناك السلام الاجتماعي والسلام مع النفس. وقد سألني أحد الأصدقاء حول السياحة هذه السنة، فقلت له بأنني سأقوم بالسياحة، وحين سأل إلى أي بلد قلت له في الإمارات، فقال سياحة داخلية تعني، هنا أيقنت أن السياحة كلمة تحمل الكثير من المعاني عند الناس، وربما لا يوجد اتفاق إلا على معنى السياحة الداخلية والخارجية، أما السياحية فهي تعني لكل فرد معناها الخاص، وهذا ما نراه من اهتمام الناس في دول معينة، وعدم رغبتهم بزيارة دول سياحية أخرى. هناك أذن كلمات كبرى لها أكثر من دلالة وهو ما يضفي عليها الجمال الخاص، حتى كلمة الجمال تركتها الذهنية العربية بأفقها الأرحب. وما استوقفني هو تحديد كلمة الشعر، فهي من الكلمات الكبرى جداً في العربية، ورغم مقدرة الشعراء على الكلام والتشبيه وتصوير كل شيء، إلا أنهم اتفقوا على أن يتركوا الشعر كلمة غامة بالجمال، فما أن تسمع من يقول بأنه يريد أن يقول شعراً، حتى تتهيأ للجمال والكلام العذب قبل أن تسمع، فكأن الكلام الجميل بعمومه شعر، أو أن كل كلام جميل يلقى بسلة الشعر، سواء أكان الكلام في قصة قصيرة، أو في فيلم عربي أو رواية. الأمومة والأم من الكلمات التي أستمتع بأنني لا أعرف معنى محدداً لماهية الأم، خلافاً للحديث عن الجانب البيولوجي بأنها من أنجب، فالأم قصة عظيمة وحكاية متناهية وكلمة كبرى بين الكلمات الجميلة في لغتنا المعطاءة، يتعامل معها الطفل بصورة خاصة والشاب كذلك، ومن افتقدها له تعاملات وذكريات خاصة مع مفردة الأم، التي لم يكتشف شاعر مساحاتها، ولا باحث اجتماعي أخبرنا بسرها، ولا عيد الأم الذي نحتفل فيه كل عام، بين لنا ماهية الأم كما هي، والأمومة. تصغرُ الآن المعاني والقواميسُ تضيقْ وعن المعنى الذي يملأ صدري ستشيبْ أي حظٍ ذاك من أدناك في ذاك الطريقْ *** بمحياك العجيب وبشعرٍ كلما حركت الريحُ به الأطراف يمتد حريقْ بقلوبٍ تقتفي العطرَ الحبيبْ فاقبليني لك إن شئت عدواً أو صديق واعلنيها كل حب يمتطي الصمت مريب