أريج البنّا   لكل فنان استراتيجية خاصة للوصول إلى النجومية? والنجاح قد لا يكون الباب الوحيد لتحقيق الشهرة? فهناك باب خفيّ آخر للنجومية في أروقة الوسط الفني يستخدمه البعض للوصول إلى الأضواء. وخلف هذا الباب تُفبرك الأخبار وتُحاك الروايات وتُفتعل المشاكل لإثارة الجدل ولفت الأنظار وجذب أقلام الصحافة لتكتب عن فنان غاب الحديث عن أعماله الفنية وكثر الحديث عن حياته الشخصية. عيّنة كبيرة من الفنانين سلكوا هذا الطريق لتحقيق الانتشار? فيما احتفظ القليل منهم بالصفات التي يجب أن يتحلّى بها الفنان? وركّزوا على أعمالهم الفنية وأبعدوا عن وسائل الإعلام حياتهم الشخصية وكل ما قد يخلق نوعاً من الجدل في مسيرتهم المهنية. قائمة من الأسماء اللامعة في عالم الفن حافظت على مكانتها وعلى رزانتها وابتعدت عن "موضة" إثارة الجدل لتصدّر قوائم الأخبار أو لتصبح "ترند" على مواقع التواصل الاجتماعي. بداية مع "سفير النوايا الحسنة" الفنان حسين الجسمي الذي حلّق عالياً في سماء النجومية بصوته العذب والساحر وأعماله الفنية الرائعة.  تفوّق حسين لم يأت فقط بسبب أغانيه الناجحة وحفلاته الجماهيرية التي تعجّ بمحبيه? بل إن رقيّه وأخلاقه واحترامه لزملائه في الوسط الفني ساهمت في ارتفاع شأنه أكثر وأكثر. رسم الجسمي لنفسه خطاً فنياً خاصاً وأبعد عن حياته الشخصية الأخبار والإشاعات ولم نسمعه يوماً يفتعل المشاكل أو يثير الجدل بتصريحاته? ليكتسب مزيداً من الشهرة أو ليسلط الضوء عليه إعلامياً. ورغم ذلك يتهافت الصحافيون على الجسمي أينما وجد ويتّبعون أخباره ويواكبون نجاحاته الفنية ومبادراته الإنسانية كسفير للنوايا الحسنة? ما جعله من الفنانين الأكثر تميزاً في العالم العربي. عبدالمجيد عبدالله وماجد المهندس وعبدالله الرويشد وراشد الماجد جميعهم سلكوا طريقاً مشابهاً لطريق الجسمي? وشخصياتهم اختصرت صفات الفنان الراقي والمتّزن. لم تغريهم الأضواء ولم يسعوا لمزيد من الشهرة عن طريق اختلاق الفضائح أو إثار الجدل? واحتفظوا بصورتهم الراقية أمام الجمهور. أمّا نجاحهم فهو نجاح فنّي بحت? نجاح بُني على أسس صحيحة وسليمة? لا مكان فيها للابتذال أو الخداع? ولا مكان للأخبار والأفعال الواهية. وشهرتهم كانت نتيجة أعمالهم الفنية الناجحة? وتعاملهم الراقي والصادق مع الجمهور والصحافة? وحضورهم المحبب على مواقع التواصل الاجتماعي? وعدم تطرقهم لأمور ومواضيع قد تثير الجدل في الوسط الفني أو قد تخلق خلافات مع زملاء لهم أو بين صفوف الجمهور. الفنانة "عريب حمدان" صرّحت مازحة في أحد لقاءاتها أنها حاولت اتّباع نهج إثارة الجدل لكسب الجمهور? لكنها فشلت في ذلك معتبرة أن الجمهور أصبح يدرك تماماً متى يصدق الفنان ومتى يصرّح بأمور الغرض منها فقط التسويق لنفسه وخلق بلبلة إعلامية. وبالطبع هذا الأمر بات واقعياً وحقيقياً في الوقت الحالي في ظلّ كثرة النجوم الذين يتعمّدون التحدث عن أمور شخصية أو مهاجمة شخصية معروفة فقط ليتم تداول أسمائهم على وسائل التواصل الاجتماعي أو ليتم استضافتهم في البرامج? غير مدركين أن كلما كان الفنان أرقى وكلما قدم الأفضل كلما ازداد جمهوره? ومعيار النجاح الفني يقاس بالأعمال وليس بأي شيء آخر.