أمراض القلب تقتل النساء 7 مرات أكثر من سرطان الثدي
يُقال: «قلب المرأة دليلها»، لكن ماذا عن همسات قلب المرأة بعد سن الـ45؟ ماذا عن قدرة المرأة على حماية قلبها؟ وماذا لو أرسل إليها قلبها إشارات خطر؟
كل امرأة تَعدّت سن الـ45 مُعرّضة للإصابة بأزمة قلبية، إذا لم تتوخّ الحذر في طعامها وشرابها وأسلوب حياتها. معلومة مُقلقة. حقيقة تنطلق من إحصاءات عالمية، فيها أن أمراض القلب والشرايين تُشكل العامل الأول لوفاة النساء في العالم.
كثيرة هي الحملات التي تُحذر الرجال من مرض القلب، وهذا ما جعل النساء يظنّن أنه حكر على الذكور، وهذا أول خطأ وقعن فيه. مرض القلب يُحدق بالمرأة بعد انقطاع الطمث أكثر من الرجال، في حين يحدق بالرجال قبل سن الـ45 أكثر من النساء.
«يدنا».. مركز صحة قلب المرأة في لبنان، الذي أسسته وفاء ميشال سليمان، استقبل هذه السنة 500 امرأة قرّرن أن يعرفن أكثر عن أحوال قلوبهنّ. الاهتمام في العالم العربي بقلب المرأة يزيد. إمارة أبوظبي عقدت قبل ستة أعوام أول مؤتمر عن القلب تحت رعاية «أم الإمارات». كثيرون يحذّرون ويشرحون ويسردون لكن النساء ما زلن يسألن: هل من أعراض وعلامات واضحة تشير إلى أن المرأة معرّضة للإصابة؟
الاختصاصي في أمراض القلب والشرايين في مستشفى «أوتيل ديو» في بيروت، البروفيسور أنطوان سركيس، يتحدث عن موت نساء بسبب مرض القلب، أكثر سبع مرّات من موتهنّ بسرطان الثدي، لافتاً إلى أن الهرمونات النسائية تحمي المرأة غير المدخنة إلى حين انقطاع الطمث، لذا ترتفع بعد بلوغ المرأة المقلب الثاني من العمر أمراض الضغط والسكري وتزيد البدانة، مما يزيد احتمال إصابتهن بالذبحة القلبية.
حين نتحدث عن أمراض القلب والشرايين، نقصد مجموعة من الاضطرابات التي تصيب القلب والأوعية الدموية، وهي تشمل تصلب شرايين القلب التاجية والأمراض الدماغية الوعائية، وسواها من أمراض الأوعية الدموية.
ليس سهلاً أن تكوني ابنة وزوجة وأماً وأختاً وعاملة وموظفة ومنتجة ومسؤولة. مسؤوليات بالجملة تتحملها المرأة قد تمنعها من الجلوس مع نفسها لتطرح بنفسها على نفسها جملة أسئلة: هل أشعر بضيق في التنفس إثر القيام بالتمارين الرياضية؟ هل أشعر بتراجع قُدراتي على التحمل لدى القيام بالتمارين الرياضية؟ هل أستيقظ ليلاً نتيجة الشعور بضيق في التنفس؟ هل أحتاج إلى المزيد من الوسائد لتفادي ضيق التنفس خلال الليل؟ هل أشعر بانتفاخ في القدمين، أو بالتعرّق البارد، أو الدوار أو بتسارع دقات القلب؟ تكفي إشارة واحدة من كل هذه الإشارات لمراجعة أقرب مركز لصحة القلب. فلا تهملي أيتها المرأة إشارات قلبك.. رئيسة مؤسسة صحة المرأة «يدنا» في لبنان وفاء سليمان، دعت النساء إلى عدم انتظار الإشارات التي قد تظهر متأخرة، بل القيام بالفحوص الوقائية المبكرة، لأن 56% من الوفيات لدى النساء ناتجة عن أمراض القلب والشرايين، 64% منها لم تسبقها أي إشارات تحذيرية وأعراض مسبقة. الوقاية إذاً ضرورية لمنع حدوث مشاكل القلب والشرايين عند النساء، بدل انتظار وقوعها للبحث عن الحلول!
هناك من يقلن الآن إنّ الـ«جين» يتحكم، ومن عانى والدها أو والدتها مشاكل في القلب قد ترث المشاكل نفسها. لكن في المقابل، هناك من يجزم من الأطباء المستندين إلى دراسات بوجود عوامل خطر قابلة بإرادة النساء أنفسهنّ للتعديل، ويُرفقون هذا بجملة نصائح: أقلعن عن التدخين كي تُبعدن شبح الإصابة بأمراض القلب والشرايين. مارسن الرياضة كي تعززن حظوظ العيش بلا مشاكل في القلب. ابتعدن عن تناول الغذاء الغني بالدهون المشبعة. حافظن على الوزن السليم. احمين أنفسكن من ارتفاع الكوليسترول والدهنيّات في الدم، ومن مرض السكري وارتفاع ضغط الدم. وتأكدن أنكنّ إذا سعيتن ستنجحن في إبعاد شبح الإصابة بنسبة 40% على الأقل.
اختصاصية التغذية مونيك باسيلا زعرور، لها تجارب كثيرة مع نساء أهملن أنفسهن، وحين قصدن عيادتها أتين مع أمراض ومشاكل كثيرة وكبيرة، لذا حملت أكياس حنطة ومأكولات من ثلاجتها: فول وحمص وعدس مسلوق وثوم وبصل مفروم وكزبرة وأسماك، وبدأت في إعداد مأكولات صحية، لافتة إلى أن المرأة العاملة التي تُحسن إدارة منزلها وتحضير المكونات مسبقاً، يمكنها تطبيق طبختها اليومية الصحية في أقل من نصف ساعة. لا عُذر أبداً لامرأة تدّعي أن الوقت لا يسمح لها بطهو طبق صحي وتلجأ إلى الأكل الجاهز «الدليفري». فليكن طعامكن إذا أردتنّ حماية قلوبكن وقلوب أحبائكن، قليل الدهنيات والكوليسترول والملح والسكريات، وغني بالفواكه والخضراوات والحبوب والألياف، ومشتقات الحليب قليلة الدسم. فليكن طعام البيت لا طعام السوق.
الأمر الذي يُفترض بنساء الأرض معرفته، أنه كلما زاد مؤشر كتلة الجسم وتراكمت الدهون حول البطن، زاد احتمال الإصابة بأمراض القلب والشرايين. لذا المطلوب الوقاية ثم الوقاية ثم الوقاية، وذلك عبر ممارسة الرياضة المعتدلة، لمدة 150 دقيقة على الأقل في الأسبوع، والحفاظ على وزن مثالي وقياس مستوى السكر في الدم مرّة على الأقل كل ثلاث سنوات، ابتداءً من عمر الأربعين، لأن السكري يزيد احتمال الإصابة بأمراض القلب والشرايين، كما أن ضغط الدم المرتفع يزيد بدوره من ذلك، لذا يجب قياس ضغط الدم، على صحة السلامة، كل سنتين على الأقل من عمر 18 عاماً، من أجل الحفاظ على ضغط دم طبيعي. يبقى أن تذكري أن الدنيا قلب الرجل، والقلب دنيا المرأة، والمرأة أحلى هدية خصّ الله بها الدنيا، فلتُحافظن يا نساء الأرض على قلوبكنّ كي تبقى الأرض تخفق حياة.