دفعها عشقها لرياضة الغوص إلى كسرها جليد القطب الشمالي والنزول في أعماقه، لتكون السعودية مريم فردوس أولى نساء العرب وثالثتهن عالمياً، ممّن استطعن فرض أنفسهن على هذا النوع من الرياضة، وتسجيل اسمها في موسوعة الأرقام القياسية «غينيس». تقول الطبيبة مريم فردوس: «تخرجت في كلية الطب بجامعة الملك عبد العزيز في جدّة، لكن عشقي لرياضة الغوص أوصلني إلى هذا اللقب، كأول امرأة سعودية وعربية تفرض نفسها في هذه اللعبة، والثالثة عالمياً، حيث شاركت ضمن بعثة رياضية بالتعاون مع موسكو والجمعية الروسية الجغرافية، واستطعت تحقيق حلمي». بداية التجربة وأضافت مريم في حديثها لـ«زهرة الخليج»: أمارس أنواعاً مختلفة من الرياضة مثل الفروسية والطيران الشراعي وركوب الخيل. ولكن تَعلّقي كان برياضة الغوص، حيث أقضي من خلال ممارستها على الطاقة السلبية التي كانت تنتابني من كثرة الدراسة، وقد بدأت أمارسها منذ عام 2008، بعد تشجيع واقتراح أحد زملائي بأن أغوص في الماء عام 2015، وبالفعل قمت بالتجربة وكانت كأنها أول مرّة أغوص فيها، ووجدت أنها رياضة ممتعة فاحترفتها». وأضافت مريم: «تتميز رياضة الغوص عن بقيّة الرياضات بأن الغواص الجيد عليه أن يتحلّى بالعديد من الصفات، كالصبر والانتباه ودقة الملاحظة، والالتزام بقوانين السلامة، وأخيراً حُبّ الاكتشاف». مُشيرة إلى أن الغواص يبحث دائماً عن أماكن جديدة ومُثيرة لممارسة الغوص، وهذا ما جعلني أتوجه إلى القطب الشمالي. موسوعة غينيس وعن دخولها موسوعة «غينيس» للأرقام القياسية، أوضحت مريم فردوس، أنها دخلت سجلات الموسوعة باعتبارها أول امرأة سعودية وعربية تغوص لمدة 35 دقيقة تحت الماء، في درجة حرارة وصلت إلى 40 درجة تحت الصفر، مُبيّنة أن الوصول إلى القطب الشمالي في حد ذاته يُعد إنجازاً، فما بالكم بالغوص فيه، وخاصة أنني عشت في بيئة صحراوية حارّة مختلفة عن البيئة القطبية. أبرز الصعوبات وعن تجربتها في الغوص تقول: «كانت تجربة مُفيدة وثريّة، وقد استفدت منها كثيراً. أما الصعوبات التي واجهتها، فقد كانت في تَعلُّم مهارة غوص الجليد والبدلة الجافة، والتأقلم مع برودة الطقس وصعوبة المناخ، ونقص المواد الغذائية، والتعوّد على نوعية معينة من الطعام طيلة فترة التدريب، إضافة إلى محاولة الموازنة بين دراستي كطالبة دراسات عليا في جامعة الملك سعود بن عبد العزيز للعلوم الصحية بالحرس الوطني، والتدرب والتحضير للرحلة، واختيار الملابس القطبية المخصصة لهذه الأجواء، خصوصاً أنها غير متوافرة في السعودية». تدريب مكثّف وتُبيّن الدكتورة مريم أن الغوص في المناطق الباردة يتطلب تدريباً مكثفاً ومعيّناً لمهارات مختلفة تماماً عن الغوص في المياه الدافئة في منطقتنا، وهو ما يُعرف بغوص البدلة الجافة. وطبيعة عمل هذه البدلة واستخدام كمية من الهواء كعازل لبرودة المياه عن أجسادنا تقريباً كعمل بدل روّاد الفضاء، وإتقان هذه المهارة يتطلب تحكماً جيداً في كمية الهواء الداخل للبدلة حسب العمق المراد الوصول إليه. نظام الأمان وتتابع: «أيضاً يتطلب الغوص في المناطق الباردة إتقان مهارة غوص الجليد، حيث إن وضع الغطسة ومكانها ونظام الأمان مختلف هو أيضاً. فعلى سبيل المثال يجب تعلم كيفية عمل فتحات الغوص وإزالة الجليد من هذه الفتحة، كما يجب قصّها بشكل مثلث أو مستطيل لضمان عدم انغلاقها مع انجراف طبقات الجليد. أما عن نظام الأمان، فلا بد أن يخصص شخص بعينه لمراقبة فتحات الغطس، وفي حالة حدوث أي طارئ سيقوم بعمل إشارة الطوارئ وإخراج الغواصين من الماء. قدرة المرأة السعودية وتُبيّن مريم أنها طيلة السنوات العشر السابقة جرّبت الغوص في مناطق مختلفة داخل السعودية وخارجها، أما غوص المناطق الباردة فقد كانت هذه أول مرّة تقوم بها، مضيفة: «كان طموحي، ولا يزال، أن أبرهن للعالم أجمع أن المرأة بشكل عام والسعودية بشكل خاص، قادرة على تحقيق ما تحلم به وتسعى إليه، وذلك بعزيمتها وقوّة إرادتها، متجاوزة بذلك كل التحديات والصعاب». القطب الجنوبي.. التحدي المقبل تستعد مريم فردوس لرحلتها الثانية للقطب الجنوبي والغوص فيه، مُشيرة إلى أنها خضعت لتدريبات مكثفة في روسيا لتأهيلها لرحلتها الجديدة إلى القطب الجنوبي، موضحة أن رحلة الغوص في القطب الجنوبي ستصاحبها حملة إعلامية كبيرة من مختلف وسائل الإعلام المكتوبة والمرئية والمسموعة، إضافة إلى تصوير فيلم وثائقي للرحلة باستخدام أحدث التقنيات العالمية.