رنا المطوع، شابة إماراتية طموحة. تسعى إلى أن تحقق لنفسها مكانة بارزة في مجتمعها، كي تُثبت أن المرأة قادرة على تولّي أرفع المناصب، بجدّها واجتهادها وأفكارها النيّرة، مستلهمة في مسيرتها، الدعم الذي تلقاهُ المرأة الإماراتية من القيادة التي أتاحت لكل مُبدعة تولّي مسؤوليات كبيرة، أثبتن من تقلّدنها قدرتهنّ على تحقيقها. ورنا واحدة من الفتيات اللاتي حصلن على شهادتي البكالوريوس والماجستير، وبعد أن عملت أستاذة في «جامعة زايد» في دبي، لمادة الدراسات الإماراتية لثلاث سنوات. قررت استثمار الفرصة التي طرحتها جامعة أكسفورد، بالتعاون مع مؤسسة محمد بن راشد، للطلاب الراغبين في إكمال دراساتهم العليا، عبر التقدم لنَيْل درجة الدكتوراه التي اختارتها عن دراسات الشرق الأوسط، وتحديداً عن المجتمع الإماراتي. عادات وتقاليد تقول المطوع: «اخترتُ أن أسلّط الضوء على الأحلام المشروعة التي ترغب المرأة الإماراتية في تحقيقها، والتي لا تتعارض بأي حال من الأحوال مع الدين والقانون، لكن العائق الوحيد يكمُن في مُعارضة الأهل والمجتمع، طبعاً تمسكا بالعادات والتقاليد». قامت المطوع بمقابلات مُطوّلة مع فتيات إماراتيات درسن في الخارج، أو عملن في مهن عادة ما تُنسب إلى الرجال أو تزوجن بأجانب. جميعهن ثابرن ليقنعن أهاليهن ليصلن إلى أهدافهن. تضيف المطوع: «دراسة الرجل الإماراتي في الخارج، أو سفره، أو زواجه بأجنبية، أسهل بكثير ولا يُعاب. فالرجل لا يواجه هذا الكم الهائل من الاعتراض والانتقاد، بعكس المرأة». وتضيف: «دائماً ما كنت أسمع اعتراض الناس على زواج الإماراتية أو الخليجية بشكل عام من أجنبي، ويؤيّدون بشدة زواج الفتاة الإماراتية بشخص من بيئتها وجنسيتها فقط، وهذه الفكرة نابعة من المجتمع وليس من الدين، فالدين الإسلامي سمح للفتاة المسلمة بالزواج بمسلم أيّاً كانت جنسيته، وهذه الاعتقادات والعوائق التي نضعها تحت مظلة العادات والتقاليد، تجعل قُدرات المرأة واختياراتها محدودة». قصص وتجارب ترى المطوع، أنه لأمرٌ مؤلم أن يحكم المجتمع على المرأة بشكل أقسى بكثير من حكمه على الرجل، فعندما تكون الأم مشغولة بعمل خارج المنزل ينتقدها المجتمع، ويتساءل: لماذا أنجبت؟ ولكنه لا يسأل الرجل هذا السؤال، ولا يتوقع منه مشاركة المرأة في تربية الأبناء وأعباء المنزل إن كانت زوجته تعمل، وهذا مثال تتمنّى المطوع أن يتغير. تضيف المطوع: «الكثير من العوائل تسمح لأبنائها بالزواج من أجنبيات، ولكن لا تسمح لبناتها بهذا الشيء عندما يتقدم لهنّ أجنبي». وتتابع: «أردت أن أجمع قصص وتجارب نساء حققن أهدافهن من خلال المثابرة، أيّاً كان هذا الهدف، سواءً بإكمال دراستهن في الخارج، أم العمل في بيئة عمل تُعتبر ذكورية، أم الزواج من شخص لا يتقبّله المجتمع، كرجل أجنبي». وتبحث المطوع في معاناتهن خلال محاولات إقناع من حولهن باختيارهن، وتقول: «في هذه الفترة تمر الفتاة بمرحلة خوف من رد فعل الأهل والمجتمع، وتجد أنه في بعض الأحيان تشعر الفتيات بالذنب، لأن المجتمع يحارب أهدافهن ويصبّ الانتقادات عليهن. على الرغم من كل هذه القيود وجدت الكثير من العائلات، التي بعد مجهود من المرأة لإقناع الأهل، وافقوا وباركوا هذا النوع من الزواج أو العمل الذي لم يروه مناسباً في البداية». تفكير عميق تشير المطوع إلى أن أغلب الناس متمسكون بفكرة أن أبناء المواطنات الإماراتيات من زوج أجنبي، لن يحصلوا على الحقوق نفسها الذي يحصل عليها من كان آباؤهم مواطنين، وكانت هذه القضية مُقلقة للآباء. وفي هذا الصدد قالت المطوع: «ليس من الضروري أن يكون الزواج من شخص من الجنسية نفسها زواجاً ناجحاً كما يراه الأهل عند تزويج ابنتهم، فالسعادة والاستقرار يأتيان مع شخص يصون زوجته مهما كانت جنسيته، إضافة إلى أن هناك قرارات جديدة في دولة الإمارات أعطت حقوقاً لأبناء المواطنات». قرارات حاسمة وجدت المطوع في بحثها أنه بعد أن تصل المرأة إلى قرار العمل في بيئة ذكورية، أو الدراسة في الخارج، أو الزواج من أجنبي، تسأم من الاهتمام برأي المجتمع الذي إن اهتمت به، لن تستطيع عيش حياتها بشكل يرضيها، وتستيقن حينها أن إرضاء الجميع غاية لا تُدرك. مشيرة إلى أن المرأة يعنيها في المقام الأول رأي أبويها، بحيث يكاد رأيهما يكون هو الرأي الوحيد الذي تهتم به، فبعد المكافحة لإقناع الأهل، تمضي هؤلاء النساء بقراراتهن، خصوصاً إذا وصلت المرأة إلى مرحلة من النضج، تسمح لها باتخاذ القرارات الحاسمة.