{بُوْسَاد}: اسمُ شالٍ روسيٍّ
• شَال بُوْسَاد: رمزٌ فولكلوريٌّ روسيٌّ شهيرٌ
• شَال بُوْسَاد: يحمل اسم مدينة بافلوفو بوسادسكي الّتي تنتجه • شَال: الصّفة الّتي اكتسبها ذاك الوشاح من الفارسيّةسبق أن رأيت صوراً لنساءٍ من الجزيرة الروسيّة يعصبن رؤوسهنّ بشالات (بُوْسَاد) الرّوسيّة الأصل، لكنّي لم أدرك كيف وصلت إليهنّ، فربّما عرفوها عن طريق الغجر المرتحلين، أو التّجارة عابرة الحدود.
في روسيا القيصريّة ولمواجهة البرد القارس؛ كان من الضّروريّ حياكة أوشحةٍ صوفيّةٍ تقي النّساء موجات الصّقيع القاسيّة، وتميّزهنّ عن سواهنّ من خلال التّطريزات أو المطبوعات الّتي تجمّلها، وتختلف من مكانٍ إلى آخر في الإمبراطوريّة الكبيرة. وحكاية أوشحة بُوْسَاد تعود إلى بدايات القرن الـ18، وتحكيها الأعمال الموجودة في متحفٍ خاصٍّ يضمُّ عدداً من القطع الفريدة التي أنتجتها أيدي المَهَرة في منطقة بافلوفوسكي بوساد. ونظراً لجمال هذا النّوع من الأزياء فقد اعتمدته السّيّدات النّبيلات كجزءٍ من أناقتهنّ، وبات هدايا ثمينة تُقدّم لهنّ، وإلى جانبها شالات (أورينبورغ) الشّهيرة الّتي تُحاك بالإبرة.
من خيوط الصّوف حاك أبناء بافلوفو بوسادسكي أوشحةً وطبعوها بدقةٍ وحرفيّة، فحملت اسم مدينتهم القريبة من موسكو، لتصبح رمزاً ثقافيّاً وطنيّاً روسيّاً خلّدته (دمية ماتريوشكا). ومع مرور الزّمن واستمرار أهالي المدينة بإنتاج هذه القطع الفنيّة المحكمة؛ باتوا الورثة الحقيقيين لذاك الكنز. ولاحقاً اكتسب بُوْسَاد اسم (شال)، منتقلاً هذا المصطلح من اللغة الفارسيّة للدّلالة على ذاك النّوع من المنسوجات.
وممّا يُعرف أنّ إنتاج شالٍ واحدٍ كان يتطلّب بين 3 أشهر وعامين حسب الزّخارف التي ستُطبع عليه، وبالتّالي الجهد والاحتراف وتوافر المواد، بدءاً من جزٍّ للصّوف، إلى غزله ثمّ حياكته، مروراً برسم الزّخارف والورود على الورق وتلوينه قبل حفرها على قوالب خشبيّةٍ عديدةٍ، فكلّما زاد النّموذج المرسوم تعقيداً وألواناً؛ زاد عدد القطع الخشبيّة المحفورة.
على إطارٍ خشبيّ مربّع يشدّ الصّانع النّسيج الصّوفيّ الخام، وبلونٍ أسود لزجٍ ممدود على قطعةٍ أخرى؛ يغمس سطح قالب الخشب المحفور، ثم يطبع الخطوط الأوليّة على الخام تباعاً، وعندما يكتمل الشّكل العامّ يبدأ بطباعة الرّسم - حسب الألوان - مقطعاً إثر مقطعٍ، وكلّما أنهى زاويةً انتقل إلى سواها، ويضغط على القالب ويضربه بقبضته لضمان طبع الألوان، إلى أن تكتمل طباعة الشّال الّذي كانت تصل مساحته تقريباً إلى 150سم X 150 سم.
في زوايا الشّال تُطبع الزّهور الكبيرة، ويُملأ وسطه بالمنمنمات وبألوانٍ كثيرةٍ متناقضةٍ مع لون الخلفيّة الّذي يتمّ إنجازه في آخر مرحلةٍ لا يتبعها إلّا وضع النّساء أهداباً طويلةً لحوافه الأربعة، ليتراوح عدد الألوان المستخدمة في الطّباعة بين 10 و30 لوناً، وكلّما كانت الرّسوم معقّدةً زاد عدد الألوان، بما يصل إلى 400 لون أحياناً، مما يعني أنّ على الصّانع حفر 400 قالبٍ خشبيٍّ، فلكلّ لونٍ قالبه، مثلما فعل الأسلاف تماماً.
وكأيّ صناعةٍ تقليديّةٍ؛ شهدت صناعة شال بُوْسَاد منذ بداية القرن الـ20 تقدّماً في الحياكة والطّباعة، فأنشئت المصانع، وأدخلت أنوال الجاكار، ثم تمّت مكننة العمل كاملاً.
واليوم تُعتبر شالات بُوْسَاد من أبرز روائع الفنّ الرّوسيّ رغم التّطوّرات الّتي طرأت عليها، من حيث الموديلات وأسماؤها، وتنوّع خاماتها، ومصْدَرها، وصانعها، ورسوماتها، ومكننة صناعتها، ودخولها عالم الموضة والمفروشات.