من السهل أن تميز بين الصواب والخطأ قواعدياً فيما بين كتابة هذه الكلمة: (لاكن / لكن)، وسيقول لك كل إنسان إن كتابتك لها بصيغة (لاكن) خطأ شنيع، ولو طلبت منه سبباً فلن يجد جواباً، ولو سألته: أوليس الأصوب أن نكتبها مع المد (لاكن) وهذا هو صوتها المسموع، وهو الأولى...؟!
لن يجد جواباً، وسيظل يصر على أنك مخطئ وكفى..
هذا مثال على سلطان العادة وكيف تتحكم فينا حتى لنجد أن الركون لها هو الحق ولا سواه، وكل محاولة لكسر التصور ستواجهنا بنقد مستمر، وإن أقنعنا هذا في هذا الموقف فسيأتيك غيره وغيره في مواقف أخرى لا تنتهي، إلى أن تقرر أنت أن تكون مثلهم لكي ترتاح.
ونحن هنا أمام مثال واضح لا يصعب تصوره وتصور الخلل فيه، ولكن ماذا عن سلطان العادات والتقاليد المستحكمة في النفوس، بأشد من استحكام كلمة ظللنا نكتبها خطأ على مدى تعلمنا وتعليمنا كله.
خذ مسألة القبيلي والخضيري، وخذ مسألة قيادة المرأة للسيارة (حين كانت في دائرة الرفض) وقارن هذه بقيادتها للجمل أو للحمارة (كما هي فتوى الشيخ الألباني رحمه الله)، وكيف أن القياس هنا يعجز عن الإقناع مثلما نعجز عن قياس كلمة لاكن مع كلمة لاعب، وأنت لا تكتب (لعب) عن (لاعب) فلماذا تكتب لكن عن لاكن.. كما أن ذرية آدم حينما كانت الخلية صغيرة وأولية لم تكن تعرف قبيلية وخضيرية، وتعجز أن تجيب هل هم بشر مثلنا أم نحن مثلهم، ولن تجد جواباً طبعاً، تمام مثل استحالة جواب كلمة (لكن)، هكذا هو سلطان العادة حين يحكم ويتحكم ثم نتحاكم إليه وبه ونجعله حجة لنا وهو لم يكن حجة قط ولا برهان عليه مثلما أنه ليس برهاناً على غيره، وكأنما هو برهان نفسه وكفى.
جرب أي عادة استحكمت عليك وسترى أنها مثل كلمة (لكن) ولن تكون (لاكن) إلا بجلد عظيم منك على مواجهة الملاحظات المستديمة إلى أن يأتي يوم ينتصر فيه المنطق.