في كل بيت من بيوتنا أمهات وجدّات هُنّ أصل تمكين المرأة في الإمارات، ومن بين أيديهن وُلد النموذج المشرف للمرأة الإماراتية فلم يكُنّ ممكنات للمرأة فقط، بل ممكنات للرجل وللبيت والوطن ككل في ظروف كانت كلّها تحديات في زمن (لوّل). لم تكن لديهن جامعات آنذاك ولا قنوات تواصل اجتماعي أو محطات إعلامية، ولكنهن كُنّ متميزات بأقل الإمكانيات وتمكّن من تربية وتخريج نموذج المرأة الذي وصلنا إليه اليوم، نموذج استحقّ أن يكون له يومٌ خاص هو يوم المرأة الإماراتية.

لم يأتِ دور المرأة في مجتمعنا صدفة، ولكن وُلد من رحم قيادة آمنت بأن المجتمع لا يكتمل إلا بوجود امرأة شريكة في كل شيء. وإن أردنا معرفة مكانة المرأة في مجتمع ما علينا العودة للأيام الأولى لتأسيس هذه الدولة لنرى نظرة وسلوك القادة للمرأة في حياتهم والدور الذي منحوه لها بعيداً عن أنظار الإعلام. وأنا أعتبر نفسي من المحظوظات للاطلاع عن قرب على مكانة المرأة لدى الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، بحكم عمل والدي بطي بن بشر، رحمه الله، سكرتيراً للمغفور له بإذن الله.

هذه المكانة لمستها في تعامل الشيخ زايد، رحمه الله، معنا كلما سنحت لنا الفرصة بلقائه، وهي مكانة تصفها إحدى عباراته التي وصف فيها اعتزازه بالمواطنات: «بناتنا جادات طموحات لا يصرفن وقتهن في اللهو والبطالة، إنهن يشكلن إحدى دعائم مجتمع الإمارات، لأنها الابنة والأخت التي تحفظ حياتها، وهي الأم التي تربي الجيل الجديد، وهي باختصار كل شيء، كيف يمكن أن نشكك في قدراتها؟ لقد منحتها الثقة وهي أهل لها». وهو ما يعكسه شعار يوم المرأة الإماراتية هذا العام (المرأة على نهج زايد) بمناسبة عام زايد.

تاريخنا الإماراتي حافل بالنماذج المشرفة، حيث قامت الشيخات بأدوار سابقة لزمنهن في مساندة أصحاب السمو الشيوخ بتحقيق نهضة الإمارات، ومن ذلك أذكر ما أخبرتني به جدتي عن حرص سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، للأسر في بداية انتشار التعليم بالإمارات على زيارة العائلات لتقنع أولياء الأمور بأهمية تعليم بناتهن وأنهن سيدرسن تحت رعايتها الشخصية، وهي رعاية امتدت حتى اليوم وأثمرت هذا التمكين غير المسبوق والنجاحات العالمية للمواطنات وتوجته بتخصيص يومٍ لنا.

لكل واحدة منّا في حياتها نموذج مشرّف للمرأة يلهمها لتكون أفضل كل يوم، وبالنسبة إليّ هي أمي التي تمكنت بنظرتها لي ودعمها أن تجعلني أتجاوز أي تحدٍّ بإصرار، وتلهمني يومياً لأكون أفضل، وهؤلاء الأمهات والجدّات هُن تاء التأنيث الإماراتية التي من دونهن لا يمكن رواية قصة إنجاز المرأة في يومها، ولذا لا بُد أن نحرص على رواية القصص والحكايات التي سمعناها عن المرأة زمان (لوّل) لبناتنا، ليستمر الإلهام وليدركن حجم الفرصة المتاحة لهن بوجود كل الظروف التي وفرتها قيادة الإمارات اليوم، خاصة أن الجدّات والأمهات تميزن بوجود القليل وظروف صعبة لتصل دولتنا إلى ما حققته اليوم. كل عام والمواطنات بخير وتميز، وكل يوم وتاء التأنيث إماراتية بامتياز لا تكتمل من دونها حكاية إنجاز دولتنا.