لبست سهام قصير فستانها الأسود، أسدلت شعرها الطويل على كتفيها ووضعت قليلاً من المكياج، وتأمّلت نفسها لثوانٍ في المرآة قبل أن تُردّد «لا يكفي أن تكوني جميلة، كوني سيدة نفسك»، ثم انطلقت في مغامرتها الجديدة.
يومها كانت على موعد في مطار بيروت الدولي، مع طائرة تزن أكثر من ستة أطنان..
وضعت سهام قصير حزاماً مطاطياً حول خصرها تم ربطه بعجلات الطائرة، وأغمضت عينيها وسحبت.. وإذ بالعجلات تتجاوب مع السيدة الخارقة وتتبعها مُتهادية لأمتار عدة، كانت كافية لتتويجها بطلة أولى في لبنان والشرق الأوسط عن فئة شد وسحب الأوزان الثقيلة..
كسر الصورة النمطية للمرأة
تجمع قصير بين القوة والأنوثة، وتصرّ على أن ترتدي فستاناً عند كل تَحدٍّ جديد إيماناً منها بـ«أن المرأة سيدة نفسها، ويمكنها تحقيق كل أهدافها وممارسة أي رياضة تحبها من دون أن تفقد أي شيء من أنوثتها». تصر قصير على هذه الرسالة، وترفض بالتالي المقولات الجاهزة القائلة إنّ ممارسة الرياضة تُغيّر من طبيعة المرأة وتنزع عنها عباءة الأنوثة. وعلى أساس هذه القاعدة، فإن هذه اللبنانية العشرينية تُلقّب اليوم بالمرأة الخارقة، التي تحدّت نفسها ومجتمعها وكسرت الصورة النمطية للمرأة. وإلى إنجاز جَـرّ طائرة من ستة أطنان، يُسجَّل لسهام قصير قيامها بجرّ ثلاث سيارات متصلة ببعضها البعض، وأيضاً بجر شاحنة.
طفلة بقوَى خارقة
يعود فضل اكتشاف سهام لقواها الخارقة لأهلها، فهذه القوة لم تكن خافية عليهم وطفلتهم بعد لم تتجاوز الرابعة من عمرها. كانت قصير تفاجئهم بقدرتها على حمل الأغراض الثقيلة من دون أي جُهد يُذكر، فشجعوها على ممارسة الرياضة بكل أنواعها، من السباحة إلى الركض والتزلج وغيرها. تقول قصير: «طاقتي الغريبة ومَتانة أعصابي لفتتا أيضاً انتباه أصدقائي في الجامعة، حيث كنت أدرس التربية البدنية، فشجّعني أحدهم على المشاركة في مسابقة لجر سيارة، وقبلت التحدي، ومن يومها بدأت رحلتي مع شدّ الأوزان».
ندرة المدربين
تتمرّن سهام قصير يومياً على مدى ثماني ساعات، وتقوم بتدريب رياضيين آخرين لـساعات أخرى، وتتبع نظاماً غذائياً قاسياً يتطلب زيادة في الوزن في بعض الأحيان، فهي تحرص على اكتساب 20 كيلوغراماً بين عضل وسوائل، حين كانت تتحضر لشدّ الطائرة، ثم تعمل لتخسرها من جديد في سبيل هدف رياضي آخر. تتابع قصير كل جديد فيما يخص الرياضة التي تمارسها مع اختصاصيين من حول العالم، للاطّلاع على القواعد السليمة للتدريب والاستعدادات المختلفة لها، وذلك لندرة المدربين في مجال جرّ الأوزان الثقيلة في لبنان والمنطقة.
أقوى امرأة عربية
قد يتخيلها البعض بعضلات نافرة وكبيرة تشبه أبطال كمال الأجسام ليُفاجأ بفتاة رشيقة، فالقوة بحسب قصير ليست في تربية كتلة من العضلات بل باتباع التمارين والمثابرة عليها. وكثمرة لإنجازاتها، حصلت سهام قصير على لقب أقوى امرأة في العالم العربي عام 2016، وهي اليوم رئيسة لجنة السيدات الخارقات في العالم العربي، وتملك نادياً رياضياً للتدريب الرياضي، وتقدم النصائح الغذائية لجميع المشتركين للحصول على صحة سليمة وقوام رشيق.
لا مُنافَسة مع الرجل
لاقت قُدرات سهام استغراباً، لاسيّماً من جانب الرجال. أما من جانبها، فهي ترى في هذه القُدرات رسالة إلى العالم حول قدرة المرأة، وتعتبر أن المرأة يمكن أن تكون جميلة وقوية في آنٍ من دون أن تُنافس الرجل أو تمحو دوره من حياتها.
دفاع عن المرأة
«ما بيكفي تكوني حلوة... كوني سيدة نفسك»، عنوان حملة توعية أطلقتها سهام قصير، بهدف حماية النساء وتمكينهن من الدفاع عن أنفسهن، في حال تعرضهن لي اعتداء أو تحرش.