يَكثُر الحديث عن تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الحياة الزوجية، وتُطرح في هذا الإطار مفاهيم عديدة حول كيفية التعامل بإيجابية مع هذه الوسائل. مِن الأزواج مَن يُثني بالإيجابية التي تعكسها هذه الوسائل على حياته الخاصة، فهل ينسحب المزاج هذا على الأزواج كلهم؟ أم هناك نماذج يقف عندها أصحاب الاختصاص، الذين يراقبون عن كثب تفاعل الأزواج مع هذه الوسائل ومدى تأثيرها فيهم؟

يَعتبر الناشطان على مواقع التواصل الاجتماعي، الثنائي خالد العامري وزوجته سلامة محمد، أن وسائل التواصل هي امتداد لحياتهما الزوجية، وأنّ لها تأثيراً إيجابياً كبيراً في حياتهما، فمن خلال تجربتهما الخاصة، يؤكدان أنها لم تمنعهما من الاهتمام بولديهما وتخصيص الوقت اللازم لهما، مُشدّدين على أهمية الاحتفاظ بالقليل من الخصوصية وعدم عرضها للمتابعين لهما.
ومن جانبها تشير سلامة إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي: «تمثل منبراً لإيصال رسائل إيجابية إلى المجتمع، وتدعو الناس لأن يثقوا بأنفسهم ويتغاضوا عن عيوبهم، باعتبار أن الجمال يَنبُع من داخل الفرد، وأن الشريك الحقيقي في العلاقة الزوجية هو الذي يؤمن بذلك».
بينما يلفت العامري إلى أن البحث المستمر عن إرضاء الناس يُضيع معنى السعادة التي يعيشها الزوجان، وبالتالي يكون من الأجدر أن يقوم الشريكان بما يُسعدهما بدل الاستماتة في إسعاد الآخرين، مُشدداً على ضرورة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي والتعامل مع المحيط الخارجي، على أسس وقواعد لا تضر بالعلاقة الزوجية أو تؤثر فيها بشكل سلبي».

عشوائية الاستخدام

قد تكون تجربة الثنائي العامري ومحمد، إيجابية جداً مع وسائل التواصل الاجتماعي، ولكن هل هي كذلك مع أزواج آخرين؟ سؤال تُجيب عنه المستشارة الأسَريّة الدكتورة غادة الشيخ موضحة: «بأن استخدام الأزواج لوسائل التواصل الاجتماعي من دون ضوابط أو قواعد، يؤدي إلى مشكلات لا حصر لها داخل الأسرة. للأسف، يتملّك بعض الناس الهوَس بهذه الوسائل إلى درجة استخدامها بشكل عشوائي، فإذا لم يضر الأمر بهم أضر بغيرهم». ومن خلال تعاملها مع الأزواج عن كثب، تكشف الشيخ: «مِن الأزواج مَن وصل إلى حَدّ الطلاق بسبب انغماسه في مواقع التواصل»، وتعطي مثالاً فتقول: «بعض الزوجات يراقبن على هذه المواقع كيف يُعامل الرجال زوجاتهم فينتهين مُحبطات، لأن أزواجهن لا يعاملهن بالطريقة عينها، وهناك رجال يرون نساء جميلات على هذه المواقع، فيجرون مقارنة مع زوجاتهم وتبدأ المشكلة، أو هناك الذي يكتب تعليقاً جميلاً لأي من الطرفين فيراهُ الطرف الآخر وتدبّ الشكوك في نفسه».

اثبات الخيانة

«تأثير وسائل التواصل الاجتماعي سلبي جداً في الأزواج، بحسب الحالات التي تُعرض علينا في الآونة الأخيرة». بهذا التعليق يبدأ المستشار الأسري والقانوني الدكتور أشرف أمين كلامه، ويقول: «باتت وسائل التواصل السبب الرئيسي في انفصال الأزواج، لانصراف البعض إليها والاندماج بعالمها وإهمال الشريك في الحياة».
ومن ملاحظاته في عمله كمستشار قانوني، ينطلق د.أمين ليُعلن: «هناك من شكك بانقطاع الشريك عنه بسبب انكبابه على مواقع التواصل فجاء ساعياً للطلاق، مضمّناً طلبه استصدار إذن من المحكمة للتحرّي عن حساب شريكه على مواقع التواصل والحصول على مُراسلاته». إلى أمور كثيرة يؤكد د.أمين، أنه: «تم فضحها أمام القضاء، بسبب رسالة غامضة أو مُبَطّنة وصلت إلى الشريك على موقع من مواقع التواصل الاجتماعي، وقرأها الآخر بالصدفة أو عن سابق إصرار وترصّد».

أغراض اجتماعية

على صعيد متصل، يجد أستاذ علم الاجتماع الدكتور محمد أبو العينين، أن وسائل التواصل الاجتماعي تحولت إلى قضية اجتماعية شائكة، ويُعرب بالقول: «لا يمكن الجزم قطعاً بأن لهذه الوسائل تأثيراً سلبياً أو إيجابياً على الأزواج، لأن المسألة تتوقف على كيفية استخدام الزوج أو الزوجة لها»، ويُكمل: «لو كان الاستخدام في إطاره المنطقي والمقبول، تكون نتيجته إيجابية والعكس صحيح». ويُنبّه د.أبو العينين إلى حقيقة قد يغفل عنها البعض بحسب قوله، وهي: «الإصرار على استخدام مواقع التواصل الاجتماعي لأغراض اجتماعية كما يشير اسمها إليها، فإن خرجت عن إطارها «الاجتماعي» السليم، دخلنا عندها في غياهب مشكلات لا نتوقعها».
 
مطلوب الشفافية

في مستهل حديثها، تتناول المستشارة الزوجية والأسرية دالية شيحة، تأثير وسائل التواصل الاجتماعي من شقّها الإيجابي، وتُلاحظ: «إذا تواصل الأزواج عبر هذه الوسائل لاختصار المسافات فيما بينهم، يكون تأثيرها إيجابياً ومفيداً للعلاقة الزوجية».
من جهة أخرى تتطرق شيحة إلى الأسباب التي تجعل وسائل التواصل الاجتماعي سلبية، وتُعدّدها قائلة: «تمضية أحد الزوجين أوقاته على مواقع التواصل على حساب الأسرة، ارتفاع نسبة الخيانة، إجراء مقارنة بين ما هو معروض على هذه المواقع والشريك، نشر الخصوصية التي تسبب أزمة بين الطرفين، وغيرها من عادات اجتماعية مُسيئة للحياة الزوجية».