تظل المرأة صانعة الأوطان والأمم والأجيال والتاريخ والسلام في نماذج تسعة من العالم: كُلّنا سمعنا باسم زنّوبيا ملكة تدمُر، وبلقيس ملكة سبأ، وكارولين ملكة موناكو، وزبيدة زوجة هارون الرشيد، وسلطانة مصر شجرة الدرّ، وإمبراطورة نيودلهي السلطانة رَضيّة الدين، والملكة الروسيّة كاترين. سمعنا كلّنا بأسماء وغابت عنّا أسماء نساء صنعن كل الفَرْق في عالم ظاهره ذُكوريّ. هؤلاء نساء صنعن ما حَفَر أسماءهنّ على جدار التاريخ:

إليانور فرانكلين روزفلت

السيدة الأميركية الأولى «المتمرّدة» التي حازت لقب «زوجة الرئيس الأميركي القديرة» طوال 12 عاماً (1933 - 1945). مُتبصّرة، كانت ووقفت إلى جانب الرئيس فرانكلين روزفلت دائماً، ودفعته قُدماً ليذهب إلى ما هو أبْعَد في إرساء مفهوم العدالة الاجتماعية ومُساعدة العاطلين عن العمل والإصلاحات التي خاضها. وساعدت في تأسيس منظمة رعاية الأطفال «اليونيسف» UNICEF، وفي تحرير الميثاق العالمي لحقوق الإنسان. اختيرت في استطلاع لآراء المؤرّخين كأعظم سيدة أولى في تاريخ الولايات المتحدة. واستمرّت دائماً اليد والعقل والقلب لزوجة رئيس لم يَمنعهُ الشلل من أن يُصبح رئيس الولايات المتحدة الأميركية.

الملكة نور الحسين

بابتسامة وبكثير من الزّغَاريد وُلد الابن البِكْر للملك طلال بن عبد الله بن حسين الهاشمي، والملكة زين الشرف بن جميل. وعندما أصبح عمره 17 عاماً، نادوا به ملكاً، فاعْتَلى العرش في الثاني من مايو عام 1952. وبدأت قصة ملك قاد الأردن 47 عاماً، بابتسامة وحنكة وحكمة، وبكثير من الحبّ والنّور، ومَن يَهْوَى النور فالنّور يهواه.
تَعرّف صُدفة إلى ليزا الحلبي، التي حملت فيما بعد اسم نور الحسين، وتَزوّجَا، وباتت أحد أكثر النساء الملكات العربيات انخراطاً في العمل الخيري والإنساني وتعزيز الفنون، وفي تعزيز الفكر التنموي في المملكة ومنطقة الشرق الأوسط، وبات اسمها مُلازماً لمملكة الأردن الجميلة.

بينظير بوتو

والدُها رئيس الوزراء الباكستاني ذو الفقار علي بوتو، الذي أعدم عام 1978، وأصبحت بعد 10 سنوات، أول رئيسة وزراء في دولة إسلامية.
عانت بوتو الأمَرّين، نُفيت، أُدِينَت بالفساد، وُضِعت في الإقامة الجبرية واغتيلت أيضاً، كما والدها في عام 2007، وكان إصرارها طوال وجودها على أنها «مَهْمَا كانت أهدافها فهي لا تسعى إلى القوّة». ورثت عن والدها (حزب الشعب الباكستاني) وقادته. وعُرفت بمقولتها: «الشعب الذي يتمتع بالديمقراطيّة، وحقوق الإنسان، والفرص الاقتصادية، سَيُدير ظهره للإرهاب».

جيهان السادات

تزوجت ضابط الجيش محمد أنور السادات، في يناير عام 1949. بعد وفاة الرئيس جمال عبد الناصر في سبتمبر عام 1970، تم اختيار السادات خَلفاً له، وباتت جيهان السيدة الأولى لجمهورية مصر العربية. هي ديناميكيّة، نشيطة، درست الأدب العربي في سن الـ41، اهتمت بالمرأة الرّيفية وترأست أكثر من 30 منظمة وجمعية خيريّة، ونادت بأعلى صوتها بحقوق النساء. وقادت الدعوة لتنظيم الأسرة، وسعت بكل قواها من أجل الإسهام في تعزيز دور المرأة السياسي. كانت امرأة ذكيّة، تأبَى البقاء في مكانها، بل تعرف كيف تَتقدّم عابرة الجبال الوَعِرة برباطة جأش عالية.

بربارة جورج بوش

ابنة بيت سياسي أميركي عريق، زوجة رئيس ووالدة رئيس، وعُرفت منذ ظهورها بالأناقة والكيَاسة، وبشعر فضّي أبيض زادها وقاراً.
لُقّبت «بالثعلبة الفضية» لذكائها الوقّاد، ونشاطها في نشر الوعي والدفاع عن الحقوق المدنية ومناهضة التمييز، وتَبنّي أفكار مُتقدّمة منفتحة في موضوعات شتّى، من بينها الإجهاض، وقد أنشأت مؤسسة لمحو الأميّة. كانت بربارة مُدهشة ومذهلة، لا تُشبه سواها، وظلّت مُمسكة بيد زوجها الرئيس الحادي والأربعين للولايات المتحدة الأميركية حتى الرّمَق الأخير. وهي التي لطالما ردّدت: «لم أؤثّر في زوجي خلال تولّيه الرئاسة.. لا أتدخل في شؤون مكتبه، وهو لا يتدخل بإدارتي المنزلية».

أنديرا غاندي

امرأة الهند الحديديّة، سيّدة الدولة، القائدة الماهرة، التي حصلت على منصب رئيس الوزراء بعد وفاة والدها جواهر لال نهرو، أول رئيس وزراء للهند بعد الاستقلال. وعُرفت بقولِها: «كانت الزعامة تعني العضلات، فباتت تعني مدى التجاوب مع الناس». شغلت منصب رئيس وزراء الهند أربع فترات، وأصبحت أقوى رئيس وزراء شهدته الهند منذ الاستقلال. وقفت إلى جانب الفقراء والجياع رافعة شعار: «اطردوا الفقر». اغتيلت في أكتوبر عام 1984، بعدما كتبت بالنضال والإصرار، وبقلم أنثوي استثنائي، تاريخاً عظيماً من تاريخ الهند.