لم تكن غادة تتخيّل أن تُصاب يوماً بسرطان الثدي. كانت مطمئنة لسلامة جينات عائلتها، وتجنّبت دائماً المناسبات الدورية والمتابعات الإعلامية للمرض، ولم تكن تعنيها كثيراً حملات التوعية المستمرة لأهمية إجراء الفحوصات والكشف المبكر، فهي في الـ30 من العمر، وتحظى بحياة مستقرة، وتمارس الرياضة بانتظام، وكل ذلك كان كافياً بالنسبة إليها لطرد أي أفكار أو مخاوف حيال الإصابة بالورم الخبيث.
لسوء الحظ، اختبرت الحياة غادة بقسوة، فقبل أن تبلغ الـ35عاماً، وتحت ضغط زميلاتها في العمل قررت التجاوب مع نشاط توعوي وإجراء الفحص، لتكتشف أنها مصابة بسرطان الثدي، وكان في مرحلة متقدمة منه، فـ«لم يمهلها طويلاً».
غادة تشبهها كثيرات، ولدوافع مختلفة، منها: الخوف لمجرد التفكير بإمكانية الإصابة، أو الهلع من الجراحة والعلاج الكيميائي، أو تلك السلبية التي تُحبط كثيراً منا أحياناً تجاه مواجهة الأمراض الخطرة فعلاً، خصوصاً أنّ الطب لم يحسم حتى الآن الأسباب والظروف الأكثر ارتباطاً بالمرض، ويكفي أن نعلم أن دولاً متقدمة جداً، مثل بلجيكا والدنمارك وفرنسا تسجل أعلى معدلات الإصابة بسرطان الثدي في العالم.
الإيجابية أول ما تحتاجه النساء لمحاربة هذا الورم، وهي ليست مجرد مشاعر. إنها طاقة وعي محفّزة تجاه الحياة نفسها، فأرقام منظمة الصحة العالمية تشير إلى أن معدل البقاء على قيد الحياة 10 سنوات يصل إلى 83 % في حال التشخيص المبكّر، والالتزام ببرنامج العلاج، وما يتصل به من دعم نفسي واجتماعي.
في أكتوبر من كل عام يظهر الشريط الوردي الشهير في المؤسسات ووسائل الإعلام رمزاً للتشجيع على الكشف المبكّر، ولزيادة التوعية، والتبرع بالأموال لتمويل الأبحاث وعلاج المصابين، ولإشاعة التفاؤل والأمل بالتطور الطبي المتواصل، فخبر مثل: «أمل جديد لمرضى السرطان»، الذي يصدر عن مراكز البحث ليس لترويج الوهم، فالعلماء يواصلون التقدم في هذه المعركة نحو هزيمة هذا العدو أو إضعافه إلى حد كبير.

ضوء
في هذا العدد أجرت «زهرة الخليج» لقاءات مع أطباء ترددت عليهم ناجيات من سرطان الثدي، أكدوا أنهن يقبلن بإيجابية بعد الشفاء من المرض على استعادة جمالهن. ويبقى أن قسوة الإصابة بهذا المرض على صحة المرأة وأنوثتها تعرفها جميع النساء، لكنّ قلة منهن تدرك أهمية الإيجابية، وإجراء الفحوصات الشعاعية، والإيمان بأنّ «درهم وقاية خير من قنطار علاج».