كبت مشاعرك وانفعالاتك، تتسبب بعدم ظهور شخصيتك الحقيقية، بل تجعلك تتقمص شخصيات مختلفة، منها الشخصية المزيفة، والشخصية التي تلعب دور الضحية، والشخصية السلبية، فهل يمكنك اكتشاف شخصيتك؟ والعودة إلى شخصيتك الحقيقية؟
هناك لحظة إدراك بسيطة، ينبعث منها كل ما تحققه من تقدم وتطور في شخصيتك، إنها لحظة تدرك فيها أنك مسؤول عن كل شيء في حياتك، بصرف النظر عن الظروف الخارجية المحيطة بك.
أنت بالفعل لست قادراً على التحكم بما يحدث لك، ولا التحكم بما يصيبك، لكنك قادر دائماً على التحكم بكيفية تفسيرك لما يحدث لك، إضافة إلى التحكم بكيفية استجابتك له.
سواء أكنت تعرضت للعنف، أم أهملتك أسرتك عاطفياً، أم جسدياً، وترعرعت في جو تسوده المشاحنات، والتوتر، والمشاكل الأسرية، والاضطهاد، أو الإهانات، فمن المحتمل أن تؤثر تلك السلوكيات في بناء شخصيتك وأنت بالغ.
فالأطفال يعطون معنى للأحداث التي يتعرضون لها، والأشياء التي تحدث لهم، وهذا المعنى يساعدهم في التأقلم والتكيف مع ما يتعرضون له، ولكن إن لم تتطور أفكارهم وقدرتهم على بناء معرفة جديدة مختلفة عن تلك التي بنوها وهم صغار، فإن طريقتهم القديمة في تفسير الأحداث سوف تلحق ضرراً كبيراً بقدراتهم الاجتماعية والنفسية والعملية.
ثلاث شخصيات للإنسان
هنالك دراسة أجراها معالجون نفسيون في كالفورنيا استمرت خمس سنوات، تبحث في تأثير التوترات العائلية في الصغر على شخصية الإنسان في الكبر، وهل يؤثر الاضطهاد والإهانات المتكررة في سلوك الشخص حين يكبر، خلصت الدراسة أن هناك ثلاث شخصيات يتقمصها الإنسان الذي يتعرض للعنف والضرب، وغيرها من أنواع التربية السلبية وهي كالآتي:
• الشخصية المزيفة:
قد يحمل الشخص كثيراً من الجروح العاطفية في صغره وتنمو معه كلما تقدم في السن، ومع هذا التقدم يتقمص الإنسان شخصية غير شخصيته الحقيقية، عن طريق خلق شخصية خاصة، ذلك لأن كل شخص يحب أن يكون محبوباً، أن يجد من يهتم به، وعندما لا يقوم الوالدين بذلك، فإن هذا الطفل يتقمص دور المحبوب، ويدفن مشاعره الحقيقية التي تعرض لها، وفي المقابل تنمو لديه شخصية مزيفة فيفقد هويته، لأنه فقد المشاعر التي هي جزء لا يتجزأ من الشخصية، فيعيش دوماً من خلال شخصيته المزيفة، خوفاً من ألا يتقبله الآخرين، فإذا كنت ممن يعاني ذلك، فأفضل طريق للكشف عن شخصيتك الحقيقية، هي التحدث مع معالج نفسي متخصص في الصدمات العاطفية، فهو يمكنه مساعدتك في إعادة التواصل مع مشاعرك والتعبير الحقيقي عنها فتشعر بالراحة والأمان، وتتصرف على طبيعتك.
• الشخصية التي تلعب دور الضحية:
الحديث السلبي عن النفس ما هو إلا نتيجة ما تعتقده عن نفسك، وهذا الاعتقاد هو ما يدفعك إلى وضع تقيم لذاتك، وهو الذي يجعلك تشعر بأنك لا تملك السيطرة على حياتك، ويجعلك تعتقد أنك مجرد ضحية، ربما كنت ضحية في الصغر، ولكنك لست مضطراً للبقاء ضحية وأنت بالغ، حين كنت صغيراً لم يكن لديك القدرة للسيطرة على حياتك، لكنك لم تعد كذلك الآن، أنت في هذه اللحظة أكثر قدرة على تغير موقعك وترك دور الضحية والتقدم في حياتك ومشاعرك بطريقة جديدة، وأن ترى نفسك في المكانة التي تريدها، تعرّف إلى شخصيتك، وما تريده في الحياة بصورة واضحة، فالبقاء في دور الضحية لا يضر أحداً غيرك.
• الشخصية السلبية:
إذا نشأت طفلاً مهملاً، فقد تكون دفنت غضبك وخوفك من هذا الإهمال، حتى لا يتخلى عنك والداك، أو أحدهما، غير أن هذا الغضب والخوف الذي لم تنفّسه وأنت طفل، سوف يخلق لديك مشكلة عاطفية في مرحلة المراهقة، وسوف تتعلم إخفاء مشاعرك، وبذلك يختفي جزء من شخصيتك التي تظهر بصورة سلبية في كثير من الموقف، فإذا كانت شخصيتك سلبية فعليك إدراك ما كنت تعانيه في الصغر، هذه المشكلة.
5 خطوات تقودك إلى حقيقة شخصيتك
• حاول اكتشاف شخصيتك، هل أنت ممن لا يعبرون عن مشاعرهم الحقيقية، ويظهرون غير ما يبطنون؟
• يجب أن تتقبل فكرة أنك تعاني مشكلة في شخصيتك، ويكون لديك رغبة كبيرة لتغيرها.
• هل لديك إرادة قوية للتغير، وتحمّل كل ما يواجهك من صعاب في طريقك، والقفز عنها للوصول لهدفك؟
• ضع هدفك نصب عينيك، فإذا كانت لديك مشكلة الشخصية السلبية مثلاً، عليك أن تضع هدفاً وهو التخلص من الأفكار السلبية التي تراودك، تبنّى سلوكاً جديداً للتعامل مع ما تتعرض له، وبطريقة مخالفة للطريقة التي اعتدتها.
• طوّر وعدّل في الطرق الجديدة التي تستخدمها حتى تصل إلى درجة من الراحة، وتتحقق من أن التغير الذي سوف يحدث هو ما تريده.