مع دنو اليوم العالمي للسكري في 14 نوفمبر، تطفو الأرقام المنذرة من ارتفاع عدد «السكريين» في العالم بعد عشرين عاماً، لتصل في 2040 إلى 642 مليون مريض!
أبعد من الرقم والتاريخ والخوف وجرس الإنذار، ماذا عن الهرمونات التي تتفاعل في الجسم معززة حصول الإصابة؟ وماذا عن ذاك الجلوكوز الذي نعرف عنه شيئاً وتغيب عنا أشياء؟ وماذا عن ذاك الرباط الوثيق بين البدانة والسكري؟
الأرقام مقلقة، لكن ثمة بارقة أمل تساعد على تفادي أن يعيش 100 مليون شخص إضافي مع داء السكري، وتتمثل في الحث على تخفيض معدلات البدانة في العالم. فلنبدأ من معادلة بسيطة: أمسكوا ماسورة وقيسوا محيط الوسط، فإذا زاد، زادت فرصة الإصابة بالسكري. البدانة هي الخطر الأول في تعبيد طريق السكري، وخسارة الوزن هي حاجز التصدي الأول، لكن غالباً ما نتأكد أن تشجيع مرضى البدانة على فقدان الوزن محال، لأن من يفقدون الوزن، يزيد لديهم الشعور بالجوع وينخفض الشعور بالامتلاء، فتزداد الرغبة في تناول الطعام، ويلجأ الجسم، طوال السنة، إلى إحداث تقلبات في مستويات الهرمونات، بين تقدم وتراجع، كوسيلة لمنع فقدان الوزن. فيسقط الريجيم بفعل تلخبط الهورمونات عند أول تجربة، وتزيد فرص انضمام الكثيرين إلى نادي السكريين في العالم.
ثمة حديث يجري، في كل مرة نحاول فيها خسارة بعض الوزن، بين هرمونات المعدة وهرمونات الرأس، وتعطي الثانية الأولى إشارات بالجوع، وتدور معركتنا مع حالنا، وغالباً نعود إلى نقطة ما دون الصفر.
الخلل الهرموني
البدانة تتسبب بخلل هرموني، والذي يعزز حدوث السكري، الذي يبدأ بمتلازمة التمثيل الغذائي بسبب مزيج من الخلل الهرموني والتغذوي، الذي يتحول إلى حالة ما قبل السكري، ثم يتطور إلى مرض السكري. ويؤدي الخلل الهرموني إلى عدم قدرة الجسم على إنتاج الأنسولين الذي يحتاج إليه الجسم لتحويل الجلوكوز الى طاقة، ما يؤدي إلى ارتفاع الجلوكوز في الدم.
تؤثر هورمونات عدة جذرياً في مستويات السكر في الدم، أبرزها الأنسولين، الذي ينطلق من خلايا بيتا في البنكرياس، متيحاً للجسم استخدام الجلوكوز للحصول على الطاقة. وفي التفاصيل، أنه بعد تناول وجبة طعام، يرتفع مستوى السكر في الدم، وفي هذه الأثناء تصدر إشارة إلى خلايا بيتا؛ لتحرير الأنسولين في الدم وامتصاص السكر وتحويله إلى طاقة. وأي خلل في هذه العملية يتسبب بحدوث أول عوارض السكري.
جلوكاجون
«الجلوكاجون» هرمون آخر مؤثر، تنتجه خلايا ألفا الموجودة في البنكرياس، ومهمته التحكم بإنتاج الجلوكوز والكيتون في الكبد. ويُفترض أن يتحرر هذا الهرمون بين الوجبات؛ من أجل الحفاظ على توازن الوقود ومستويات السكر في الجسم. وفي حال حدوث أي خلل، يصدر الجلوكاجون إشارات إلى الكبد عندما يحين وقت تكسير وتفكيك مخازن الجليكوجين، ما يؤدي إلى ضخ كميات إضافية من الجلوكوز في الدم.
أما هرمون «الأميلين» الذي تطلقه خلايا بيتا من البنكرياس، مع الأنسولين، ومهمته خفض مستوى الجلوكاجون في الجسم، فيقلل من إنتاج الجلوكوز في الكبد، ويبطئ معدل إفراغ الطعام من المعدة. وسلامة عمل هذا الهرمون يساعد الدماغ على بث إشارات الى الجسم بالامتلاء والشبع والراحة. وهو يسهم أيضاً في منع ارتفاع الجلوكوز في الدم. هو إذاً مهم جداً، وأي خلل تشعرون به اسألوا طبيبكم: هل هرمون الأميلين لدينا صحيح؟
إبينفرين
هورمون آخر يتحكم بنسب السكر في الدم هو الـ«إبينفرين»، الذي نعرفه باسم الأدرينالين، وتحرره الغدة الكظرية من أجل تحفيز الكبد على إنتاج السكر. ويقوم هذا الهرمون في حالاته الطبيعية بتكسير الدهون وتحويلها إلى كيتونات وسكر. هناك هرمون آخر تفرزه الغدة الكظرية هو «الكورتيزول»، الذي يفترض أن يساعدنا على التحكم بمستوى التوترات التي تجتاحنا. وله وظائف أخرى شتى، بينها سلامة عملية (استقلاب المواد) في الجسم، والتحكم بمعدل السكر في الدم.
حين نعرف أكثر عن هرموناتنا ننجح أسهل في التحكم بالأمراض التي تصيبنا، لا سيما داء السكري. فلا تتساهلوا مع المسببات، لأنه حين يُعرف السبب يبطل العجب.
8 دول
تتدرج في تقرير جديد أعدته منظمة الصحة العالمية، تسع دول في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فيها أعلى نسب بدانة، وبالتالي يُتوقع أن تشهد أعلى نسب إصابات جديدة بالسكري، وهي: الكويت (37.5%)، الأردن (35.5%)، ثم المملكة العربية السعودية (35.4%) تليها ليبيا (32.5%) مصر ولبنان (32%)، ثم الإمارات العربية المتحدة (31.7%)، وأخيراً العراق (30.4%).
في التذكير إفادة
لا تتساهلوا مع جملة أعراض قد تكون نذير سكري: عطش وجوع شديدان، تعب، إرهاق، تركيز أقل، خسارة الوزن، اضطراب في الرؤية، تنميل في الأطراف، التهابات جلدية وكثرة التبول. لا تغضوا الطرف عن هذه الإشارات؛ لأن السكري داء غير بسيط.