هن موهوبات حقيقيات يحتفين بغيرهن، وإنجازاتهن الفنية تكمن في مشاريع وورشات ساعدت في تمكين الآخرين، تسلط «زهرة الخليج» الضوء عليها.

بوابة العبور للفنون

«2700 امرأة، يختلفن في شخصياتهن، أذواقهن وميولهن، تبدين مهزوزات ضعيفات ولكنهن هنا معاً امرأة قوية لاتحادهن»، بهذا العمل الباهر الذي قدمته الفنانة الإماراتية غالية المنصوري قبل ثلاث سنوات، كمشروع تخرج للجامعة في «منارة السعديات»، كان كفيلاً للتحليق من خلاله إلى بلجيكيا، ليقدم هناك في إحدى المعارض العالمية، وهو ما يعد إنجازاً لشابة لا تزال متخرجة حديثاً، تدرك تماماً أن طريق الفن لا يناله إلا المتميزون. إلا أن غالية التي تخصصت في قسم الفنون البصرية، تؤكد أن بدايتها الحقيقية مع «منارة السعديات» لم تكن فقط من خلال مشروع التخرج، وتقول: «منذ كنت على مقاعد الدراسة في الجامعة، شاركت في ورشات عمل تطوعية تقام في «منارة السعديات»، فحينها قدمنا العديد من الورشات التعريفية عن قطع متحف «اللوفر أبوظبي»، الأمر الذي جعلني على معرفة كبيرة بما يحويه، حتى قبل أن يفتح».
تعمل غالية المنصوري الآن في قسم التعليم في (هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة)، وتقدم ورشات تعليمية فنية في عدد من الجهات والفعاليات، ومن بينها «منارة السعديات»، موضحة أن جزءاً من عملها يتطلب أن تبدع أفكاراً خلاقة لطريقة التعليم في الورشة. ومثل كل فنان موهوب بالفطرة، يعرف ماذا يريد أن يكون منذ أن حمل أول مرة أي أداة للرسم، تقول: «أعرف ماذا أريد أن أكون، وأنا في مقاعد الدراسة شاركت في مسابقات فنية عديدة، وللحقيقة، معلمتي في الصف الخامس من اكتشفت موهبتي، ولكن الداعم الكبير لي أمي الحبيبة، ومنها أيضاً استوحيت فكرة عمل مشروع التخرج». لا تخفي غالية أن هناك صعوبات عديدة واجهتها في محيطها للوصول إلى هدفها، بدأت منذ اختيار تخصصها، «إصراري جعلني أتجاهل التعليقات السلبية كافة التي كنت أسمعها من محيطي عن مجال عملي، ولكن الآن اختلف الأمر بمجرد أن شاهدوا إنجازاتي، وما يمكن أن أحققه».
غالية شاركت في أكثر من 100 ورشة عمل منذ عام 2013 في «منارة السعديات»، كورشات تراثية وورشات فن الـ«جرافيك»، وشاركت أيضاً في برنامج الموهوبين، كما التحقت ببعثات دراسية عديدة في كل من إيطاليا وألمانيا، مكنتها من صقل موهبتها، إضافة إلى (منحة سلامة بن حمدان للفنانين الناشئين) التي حظيت بها. توجز غالية ما قدمته «منارة السعديات» لعملها بشكل عام: «يمكن القول إنها البوابة الرئيسية لدخولي عالم الفن بشكل واقعي».

تواصل حقيقي

بدورها، تقول الفنانة الإماراتية عائشة البلوشي عن تجربتها كفنانة مقيمة لمدة ثلاثة أشهر: «منارة السعديات وفرت لي استديو أنجز به أعمالي الفنية، وتتيح لي هذه التجربة الاحتكاك أكثر مع المجتمع الفني، والاطلاع على الفعاليات والمعارض الموجودة، فمثلاً استمتعت بمعرض أجنحة المكسيك ومعرض مسابقة التصوير»، وتصف عائشة تجربتها في الإشراف على ورشة فنية باسم «دمى الآيس كريم»، التي تدور فكرتها عن صنع مجسمات بشكل «الآيس كريم» من الصلصال: «هذه الورشة استمتعت بها حقاً، ووجدت إقبالاً كبيراً عليها حتى من ضمن زوار «منارة السعديات»، وهي مجسمات تحفز للإحساس بالسعادة وتخفف من الكآبة».
عائشة التي تخصصت في تشكيل المجسمات، قامت بعرض مشروع تخرجها أيضاً في «منارة السعديات»، حيث تدور فكرته عن مقولة لشكسبير: «الدنيا مسرح كبير، وكل الرجال والنساء ما هم إلا لاعبون على هذا المسرح».
تقول عائشة عن الصعوبات التي يمكن أن تواجه أي فنان: «لا يوجد طريق واضح، لكنني أرى الفن كسلاح قوي يمكن التعبير من خلاله عن أشياء كثيرة»، وتضيف: «وجود فعاليات ومعارض فنية عديدة ومراكز مهمة، مكن الكثير من الفنانين وساعدهم على تطورهم المهني». في النهاية تنصح عائشة كل فتاة بأن تبحث عن شغفها وتحوله إلى مهنة. وكانت عائشة قد شاركت في فعاليات ومعارض عديدة، مثل معرض «استيعاب» الذي أقيم في دبي، وقدمت خلاله سلسلة ثلاثية من الأعمال.

تطوير ذاتي ومهني

تؤكد الفنانة شيخة الزعابي أن «منارة السعديات» شكلت الداعم الرئيسي لتطورها، موضحة: «تطوعت في الورشات التي تقيمها «منارة السعديات» في آخر عام من دراستي، وفيها تعلمت الكثير من الأشياء، ولا نكتفي بتطوير مهنتنا فقط بل حتى شخصيتنا»، وتضيف: «عندما أقدم ورشات لأشخاص أكبر مني في العمر، يجعلني الأمر أثق بقدراتي أكثر، لا سيما حينما أرى إعجابهم بعملي واستمتاعهم بما أقوم بتقديمه خلال الورشة». تعمل شيخة في قسم التعليم في «منارة السعديات» وتقدم العديد من الورشات خلال الأسبوع، مثل ورشة رسم البورتريه، الطباعة، ورشة الصلصال «تشكيل المجسمات»، وتقول شيخة المتخصصة في «التصميم الجرافيكي»، إن تقديم الورشات التعليمية في مجال الفن يحتاج إلى فكر خلاق وأسلوب مبدع لتوصيل الفكرة بشكل سهل وجذاب، وتضيف: «عملي في «منارة السعديات» جعلني على اطلاع أكبر في المجتمع الفني، وأتاح لي الفرصة للتعرف إلى أعمال فنانين عالميين»، وعن مشاريعها المستقبلية تطمح شيخة إلى إقامة معرض خاص بها.


المرأة.. الحضور الطاغي في الفعاليات
مديرة البرامج المجتمعية في هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، سمية السويدي، تؤشر إلى خبرتها السابقة في التنظيم والإشراف على برامج وفعاليات عديدة في «منارة السعديات»، موضحة: «الحضور الطاغي للفعاليات التي أشرفت عليها في «منارة السعديات» كان للنساء، وليس من ناحية الزوار فقط، بل حتى المشاركات، لا سيما فيما يتعلق بمجال الفنون التشكيلية»، فـ«منارة السعديات» تطلق العديد من المبادرات والفعاليات التي تجذب فئة الشباب، كفعالية قامت بتنظيمها باسم «جنون الكرتون»، وهي تحتفي بمختلف أنواع الفنون الهزلية، وقد وجدنا إقبالاً كبيراً عليها من قبل الشباب، فمثلاً تم ابتداع شخصية هزلية باسم «إمارة»، هي شخصية خارقة أبدعتها شابة إماراتية موهوبة، كما أطلقت شابة إماراتية أخرى اسمها سمية العمودي، قصة خيالية رائعة بثلاث لغات، بالعربية والإنجليزية واليابانية.
وعن تجربتها كامرأة إماراتية تعمل في مجال تنظيم البرامج والفعاليات لمراكز ثقافية مهمة، تقول: «خبرتي في «منارة السعديات» ضاعفت رصيدي المهني، فعلى الرغم من أنني عملت في هذا المجال سابقاً، إلا أن العمل في مكان ثقافي مهم، يساعد بلا شك في رفع المستوى المهني، ويعد إضافة مهمة لمن يعمل فيه»، وترى السويدي في «منارة السعديات» مكاناً مهماً يولد الإبداع ويحتفي بالفنون العالمية، مستذكرة مشاركتها السابقة في معرض «تعابير إماراتية» الذي أقيم عام 2015.