عُرِف المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، بنبذ التعصب والتطرف والانغلاق الفكري، وباحترامه التعددية الثقافية والدينية، وبسعيه الدائم إلى مد يد الصداقة إلى دول وشعوب العالم بأسره، وتفضيله الحوار على الخلاف وإحلال السلام مكان الحرب، وله في هذا المجال مواقف عديدة، يشهد عليها كل من واكب تدخلاته كوسيط في عشرات النزاعات المسلحة وفي العديد من الخلافات الدبلوماسية بين هذا البلد وذاك.
نجح القائد الراحل في بناء دولة أصبحت اليوم مثالاً للتعايش والتسامح والاحترام المتبادل بين الجميع، فعلى أرضها يعيش أكثر من 200 جنسية في انسجام وأمن وسلام دائمين، وهي الدولة الوحيدة في العالم التي أنشأت عام 2016 وزارة للتسامح، شكلت في حد ذاتها رسالة لجميع شعوب العالم للتحاور والتقارب، وبعدها بعام أنشأت معهداً للتسامح يهتم بقضايا التسامح ونشر قيمه.
كان الشيخ زايد، رحمه الله، يؤمن بأن الإنسان لا يمكن أن يعيش بعزلة عن الآخرين، وأن التفاعل والتحاور والتعايش مع هذا الآخر المختلف، هي من أسس إرساء السلام في العالم أجمع. لهذا اهتم بمد جسور التواصل بين جميع الفئات ولم يتردد يوماً في مد يد العون للبلدان والشعوب التي هي في حاجة للمساعدة في مختلف المجالات، غير ناظر إلى الديانة والجنسية والعرق. كان الراحل الكبير يحرص على ترسيخ ثقافة الانفتاح ونبذ التعصب والتطرف، لعلمه أنه لا يمكن بناء وطن في أجواء من الانغلاق الفكري. إن بذور التسامح والتعايش والاحترام التي غرسها الراحل الكبير في نفوس أبنائه ونثرها على مساحة الوطن، نمت وأزهرت وأعطت ثماراً كثيرة تتجلى اليوم في عدد من المبادرات، منها المهرجان الوطني للتسامح الذي يقام تحت شعار «على نهج زايد» ويهدف إلى تعزيز الوعي الجماهيري بقيم التسامح، وبرنامج «فرسان التسامح» الذي يدعو جميع أفراد المجتمع الإماراتي للإسهام في نشر مبادئ التسامح والتعايش السلمي. أما فكرة تنظيم أول قمة عالمية للتسامح في الإمارات فلم تأتِ من فراغ، إذ تعتبر هذه «القمة»، التي يشارك فيها ألف شخصية من خبراء السلام ومتخصصون ومؤثرون اجتماعيون، انعكاساً حقيقياً لإرث الإمارات ونهجها في نبذ أصوات التطرف وخطابات الكراهية وترسيخ ثقافة الانفتاح والحوار الحضاري.