أكثر من ستين رواية تم تحويلها إلى أفلام سينمائية حتى الآن، مما يجعل الكاتب والروائي الأميركي ستيفن كينغ، المولود عام 1947 الأشهر بين الكتاب المعاصرين الذين اعتمدت سينما هوليوود على كتبهم ورواياتهم حينما وجد فيها المنتجون والمخرجون ما يصلح أن يكون فيلماً مثيراً وجماهيرياً بسبب تلك الخاصية الغريبة والفريدة التي تملكها مخيلة ستيفن كينغ، وتجعل من رواياته محل انتظار القراء وشوق المشاهدين حينما تحول سينمائياً، بسبب فرط الإثارة والتشويق والغموض الذي يكتنفها دائماً. فقبل أن يبلغ الثلاثين يقدم المخرج الكبير برايان دي بالما فيلم الرعب الشهير في السبعينات Carrie، معتمداً على رواية ستيفن كينغ حول فتاة خجولة بلا أصدقاء، تحميها أمها المتدينة المتسلطة قبل أن تنطلق منها قوى شيطانية. لكن الأنظار التفتت كثيراً نحو هذا المؤلف الشاب في الثمانينات حينما قدم المخرج الكبير ستانلي كيوبريك تحفة الرعب والغموض The Shining، معتمداً على رواية كينغ بعد أن جال كثيراً بحثاً عن رواية تصلح فيلماً. وقتها أخذ كويبريك رواية كينغ إلى عوالمه الخاصة والفريدة معتمداً على النجم جاك نيكلسون في دور كاتب ينتقل مع عائلته في الشتاء إلى فندق معزول من أجل الكتابة، لكن الأمور تأخذ منحى مرعباً.
في الفترة نفسها، يبدو أن المخرجين وجدوا ما يمكن أن يكون كنزاً لتقديم أفلام مميزة وتحظى أيضاً بشعبية جيدة وقبول جماهيري كبير، وهذا ما يجعل مخرجاً آخر مثل روب راينر يقدم فيلمين من قصص ستيفن كينغ.. الأول وهو الأفضل وذو تقييم جماهيري ونقدي عالٍ باسم Stand by Me حول مجموعة أطفال يجدون جثة في غابة.. والثاني هو فيلم Misery حول امرأة مهووسة بكاتب تقوم باحتجازه قسراً.
أفضل أفلام التسعينات
في عام 1994 ومع الفيلم الأشهر مطلقاً من الأفلام التي تم تحويلها اعتماداً على قصص ستيفن كينغ، فيلم «اصلاحية شوشانك» The Shawshank Redemption حيث قدم المخرج فرانك داربونت واحداً من أفضل أفلام التسعينات وأكثرها شهرة، وأحد أشهر أفلام السينما وأعلاها تقييماً حسب مواقع مهمة مثل IMDB ذي السبع ترشيحات أوسكارية. قبل أن يعود داربونت مرة أخرى ليقتبس رواية أخرى لستيفن كينغ، ويقدم عام 1999 فيلماً شهيراً جماهيرياً هو «الميل الأخضر» The Green Mile حول مجموعة من حراس السجن يتأثرون بسجين أسود ضخم متهم بالقتل والاغتصاب لكنه يملك هبة خاصة.
ثم في مرة ثالثة يقدم المخرج المقل فرانك داربونت في الألفية الجديدة عام 2007، معتمداً على رواية ستيفن كينغ فيلماً ناجحاً هو الآخر بمزيج من الإثارة والرعب والخيال العلمي بعنوان The Mist، حول مجموعة من السكان في مدينة صغيرة تلتجئ داخل سوبر ماركت لحماية نفسها من مخلوقات متوحشة، تهاجم المدينة بعد هبوب عاصفة شديدة. وهذا ما يجعل داربونت أكثر المخرجين الذين قاموا باقتباس روايات وقصص ستيفن كينغ، حينما قدم ثلاثة أفلام من مجموع أربعة أفلام هي كل ما قدمها داربونت. ومن جهة أخرى كل هذه الأفلام الثلاثة كانت قد نجحت نقدياً وجماهيرياً.
أفلام لم تحقق شهرة
غير هذه الأفلام الشهيرة فإن هناك أفلاماً سينمائية وتلفزيونية عدة تناوب على إخراجها العديد من المخرجين معتمدين على روايات لستيفن كينغ - وإن كانت لم تحقق شهرة الأفلام السابقة - من مثل «منطقة الموت» لكريستوفر والكن، «أطفال الذرة» لليندا هاميلتون، «الرجل المنطلق» لأرنولد شوارزنجر، «قلوب في أتلانتس» لأنطوني هوبكنز، «صائد الأحلام» لمورقان فريمان، «سر النافذة» لجوني ديب، كما أن أحد أشهر أفلام العام الماضي 2017 وأكثرها نجاحاً هو فيلم الرعب والإثارة (It) كان قد اعتمد رواية كينغ التي صدرت في الثمانينات. إضافة لعدد من المسلسلات التي اعتمدت قصص كينغ مثل: The Twilight Zone, The Dead Zone, Mr. Mercedes, Castle Rock.
مغرم بشخصيات غريبة
بالنظر لموضوعات ستيفن كينغ وأجوائه كما تقدمها السينما عبر الأفلام المقتبسة من رواياته سنجد أنه كاتب مغرم بطرح تلك الشخصيات الغريبة والتي تملك قدرات خاصة أو قوى هائلة، وهي قدرات غير مفهومة يظهر أن أصحابها يتورطون بها وتدفعهم إلى أحداث مثيرة جداً في حياتهم كما ويبدو ستيفن كينغ أيضاً مفعماً بروح القوى الخفية وعالم الأشباح والماورائيات وأجواء الرعب. وقد قال ذات يوم: «إنه لا تزال تسيطر عليه فكرة الغرفة المظلمة فحينما تمد يدك لتضيء أنوارها ستمتد يد أخرى باردة لتمسك بيدك». إضافة إلى عوالم مصاصي الدماء والكلاب المسعورة والقتلة المهووسين والآلات الشيطانية وكائنات الفضاء والتخاطر عن بعد والتواصل الروحي والتلكنسيس وهو تحريك الأشياء عن بعد. والبعض يرجع هذا الأمر وكل هذا الشغف بخلق هذه الأجواء الغريبة إلى ما ذكره ستيفن كينغ عن نفسه حينما نشر ذلك في كتاب له على الإنترنت أنه قد شاهد صديقه وهو يموت تحت عجلة القطار إضافة إلى انهماكه بقراءة روايات الرعب الهزلية والخيال العلمي حينما كان يعيش طفولة بائسة وحالمة كما يقول، وتأثره لاحقاً بالكاتب أدغار آلان بو. ويعتقد كينغ أيضاً أن بعضاً من شخصياته الخيالية هي انعكاس لشخصيته الحقيقية مثل الكاتب جاك تورانس في فيلم «شاينينق: وميض».