أوّل ما يكتشفه السائح في رحلته هو نفسه. وضبوا أمتعتكم وسافروا إلى أرضٍ فريدة بطبيعتها وناسها وتاريخها وكائناتها، إلى جمهورية رواندا، التي نجحت بسرعةٍ قياسية في نشر ثقافة السلام والوئام على أنقاض عبثية الحروب والموت، فاستحقت أن تُتوّج سياحياً بلقب: سنغافورة أفريقيا.
قبل ثلاثين عاماً كان الذهاب إلى رواندا ضرباً من الجنون. أما اليوم فبات استبعاد رواندا عن الأجندة السياحية، بعدما باتت وجهة السيّاح الأولى في أفريقيا، خسارة كبيرة.
رواندا مدهشة. والغوريلا السارحة في رحابها، لا سيما في غابات الخيزران في الحديقة الوطنية للبراكين، ستجعلكم تبتسمون من قلب القلب. سترونها تبتسم لكم، تلاعبكم، تلاطفكم. لاعبوها، أطعموها، والتقطوا الصور التذكارية معها. هناك 13 نوعاً مختلفاً من القرود في رواندا جميعها تحب المرح. وهناك قرود ذات لحى بيضاء بسبب تقدمها في العمر.
اكتشفوا الطبيعة. اقتحموا الغابات المطيرة. تسلقوا الجبال والتلال واعبروا الوديان واجلسوا على ضفاف البحيرات الكثيرة. وتذكروا أن الكثيرين يضيفون إلى اسم رواندا أرض الألف تل. وهي تضم أعلى القمم الجبلية المتمثلة في سلسلة بركان «فيرونغا» في شمال غرب البلاد. أما أعلى نقطة في رواندا فهي في جبل «كاريسيمبي».
تجربة بيئية فريدة
اقصدوا بحيرة «كيفو» سادس أكبر بحيرة في أفريقيا. تجولوا في العاصمة الرواندية «كيغالي» التي بُنيت في وادٍ بين أربعة تلال. هذه المدينة أصبحت إحدى أكثر العواصم الأفريقية أمناً وأكثرها نظافة وتوجتها الأمم المتحدة عام 2015 «أجمل مدينة في أفريقيا». ومواطنوها يخرجون في السبت الأخير من كل شهر في يوم عمل تطوعي لتنظيف محيط منازلهم والشوارع العامة والفرعية. اخرجوا معهم إذا صادف وجودكم هناك في هذا التاريخ وشاركوا الروانديين في تجربة بيئية فريدة.
الدراجات النارية تُستخدم فيها بكثرة. وشعبُها طيّب بشوش. الجمهورية الأفريقية الجميلة تفتقر حتى هذه اللحظة إلى بنية تحتية متطورة في مجال النقل، لكنها تُعوض بطبيعة خلابة وبحيرات وتنوع بيولوجي مدهش. ووجود أسود وفهود وفيلة ووحيد القرن وأكبر عدد من القرود.
اقصدوا وأنتم هناك متحف قصر الملك في «نيانزا» وشاهدوا فيه أجمل عروض الرقص التقليدي الرواندي. الفولكلور في تلك البلاد رائع. أزياء النساء مفعمة بالألوان ويعتمر الرجال قبعات مصنوعة من الأعشاب.
من الموت إلى الحياة
عرفت رواندا كيف تخطو إلى الأمام بثبات وتحتل صدارة في عالم السياحة وعززت واقعها المتجدد بالسماح إلى مواطني جميع دول العالم بالدخول، ابتداءً من أول يناير 2018، من دون تأشيرة مسبقة. الروانديون أذكياء. رواندا مثال حيّ يُلقّن عن إصرار شعب على التحوّل بسرعة قياسية من الموت إلى الحياة.
مارسوا رياضة المشي «الهايكنغ» ساعات في الطبيعة. وانتبهوا كي لا تنتهكوا القوانين البيئية. لا تحملوا معكم أكياساً بلاستيكية ولا ترموا أي ورقة في العراء لأن الجمهورية الأفريقية نظيفة أكثر بكثير مما تتخيلون والدولة حظرت استخدام الأكياس البلاستيكية في جميع أنواع البلاد وهي لا تتورع في مصادرتها في المطار.
هناك مدن رائعة في كيغالي. أقصدوا كيمهيرورا وكيوفو وكاسييرو. وحاولوا أن تخرجوا من فقاعة السياحة التقليدية عبر استكشاف كل التفاصيل بالعين المجردة خصوصاً الأحياء الداخلية التي نادراً ما يقصدها السياح. ولا تنسوا أن تمروا في السوق العملاقة في كيميروتكو. وتوقفوا أمام اللوحات الجدارية الملونة في كيميساغارا.
«سيلفي» مع الغوريلا
خذوا الكثير من الصور للتفاصيل الطبيعية الشاعرية الفريدة والغوريلا المرحة، لكن لا تُصوروا الروانديين من دون طلب الإذن منهم مسبقاً. هم يعتبرون مثل هذا التصرف اعتداءً على خصوصيتهم وهناك من قد يطلب مالاً منكم بدل هذا.
زوروا النصب التذكاري للإبادة الجماعية في كيفالي، وإذا رغبتم في معرفة المزيد عن تلك الأحداث المأساوية التي جرت عام 1994 في تلك البلاد اطرحوا أسئلتكم على الروانديين وهم سيجيبون برحابة صدر. مواطنو تلك البلاد يُحبون أن يشاركهم الآخرون تفاصيل تلك المرحلة الانتقالية بين فصول الموت وفصول الحياة.
الطعام التقليدي
الطعام الرواندي التقليدي لا يعلى عليه. تذوقوا «البروشيت» وهو يتكون من أسياخ اللحم المشوي أو السمك المشوي مع الخضار والبطاطا. وتذوقوا طبق «ماتوكي» المصنوع من الموز. ولا تنسوا تناول سمكة «السمبازا» الصغيرة وهي بحجم الخنصر ويصطادونها حصرياً من بحيرة كيفو ويقدم إلى جانبها المايونيز.
«زينغالو» طبق آخر كلاسيكي في رواندا وهو يتضمن لحم الماعز. واطلبوا «ساموساس»، وهو عبارة عن معجنات تحتوي على اللحوم والخضار، أشبه «بالسمبوسك» المقرمش في دول آسيا، ويضيفون إليه هناك البيض. وتجدون في الأرجاء كثيراً من باعة الفاكهة الاستوائية مثل الأفوكادو والموز والمانجو والبابايا.
ويهم أن تعرفوا أن أغلبية مطاعم رواندا لا تحتوي على قائمة بأنواع الأطباق المتوافرة، لذا يفيد جداً أن تحفظوا بعض الأسماء قبل أن تغادروا إلى هناك.
كما قد تفيد مشاهدة فيلم أو اثنين من الأفلام السينمائية أو الوثائقيات الكثيرة التي تروي حقب تاريخ تلك الأرض وتُظهر طبيعتها الخلابة وبينها: «My neighbor my killer» and »sometimes in April».
كلما اكتشفنا العالم أكثر كان أفضل. رواندا جانبٌ آخر من هذا العالم اكتشفوها.
رواندا مثال حيّ يُلقّن عن إصرار شعب على التحوّل بسرعة قياسية من الموت إلى الحياة
«البروشيت».. الطعام الرواندي التقليدي ويتكون من أسياخ اللحم المشوي أو السمك المشوي مع الخضار والبطاطا
هدية من رواندا
يعود السائح من هناك محملاً بشيئين أساسيين: القهوة الرواندية الشهية والسلال الملونة المشغولة بحرفية. اجلبوا معكم من السلال الرواندية بأحجام وأشكال وألوان مختلفة. واجلبوا قطعاً فخارية تستخدم هناك كأطباق وأوعية وأكواب بألوان زرقاء ورمادية. الآلات الموسيقية الخاصة بأهل تلك البلاد، لا سيما الطبول، متوافرة أيضاً بأحجام صغيرة ومثلها الدروع الخشبية. ويمكنكم جلب قطع مغناطيسية لحيوانات الغوريلا تضعونها على براداتكم. وإذا كنتم تحبون تناول المأكولات الحارة اجلبوا من هناك قنينة من زيت الفلفل الحار «أكابنجا». هو مشهور جداً هناك ومذاقه رائع.