يجتمع الأصدقاء كل ليلة خميس في المكان ذاته، يتوافدون ابتداءً من الثامنة مساءً حتى يكتمل العدد. يتجمعون في «المجلس»، ذلك المكان الجميل الذي يكسوه اللون الأزرق بدرجاته، ومن الواضح أنه اختيار أنثى، فهناك لمساتها الواضحة في تنسيق الألوان وتفاصيل الستائر واختيار الاكسسوارات، كأغطية الطاولات وألوان الورود وأواني قطع الحلويات والبسكويت والمكسرات، وأباريق الشاي والقهوة والأكواب المزركشة وأكواب الشاي الزجاجية المنحوتة بدقة، ومن المناديل الورقية الموزعة هنا وهناك والمتناسقة مع ألوان الستائر والأثاث المريح والراقي.
ردود الفعل
وبعد تجمعهم تنقل لهم الصواني بما لذ وطاب من الأطعمة المتنوعة من المقبلات واللحوم والدجاج والأكلات البحرية، أثنى الجميع على الطعام، حيث كانوا يأكلون بشهية، وبعد أن انتهوا من تناول الطعام، بدؤوا في الانتقال لتناول الأنواع المتعددة من الحلويات، وهناك أباريق تحوي العديد من المشروبات الساخنة والباردة متعددة الألوان. ومن ثم بدؤوا يتحدثون وهم يحملون بأيديهم فناجين القهوة والشاي والعصائر كل حسب ذوقه، وأمسك أحدهم بطرف الحديث وبدأ يتكلم عن المرأة بطريقة تعقبها تعليقات مضحكة، وبدأ كلٌّ ينافس الكل بأكثر تعليق يطلقه على المرأة حتى ترتفع أصوات الضحكات وردود الفعل غير المتوقعة.
وكان أحدهم شبه صامت يبتسم تأثراً بأصوات الضحكات العالية، ولكنه ممتعض لأنه يشعر بالخجل. فهو يؤمن بأن المرأة التي يتحدثون عنها هي المرأة، المرأة ذاتها، الأم ذاتها التي يعشق، والزوجة ذاتها التي يحب، والأخت ذاتها التي يحوي، والبنت ذاتها التي يدلل، فكيف يجرؤون على التمرد والتجني والتطاول، وفجأة صرخ فيهم: كفى. وإذا بحالة من الصمت تخنق الضحكات وتسجنها بالحناجر، واكفهرت الوجوه، حين قال انظروا حولكم وسترون بصمات المرأة بكل الزوايا. كما أن هناك من يتطاول ويعلق ويتعامل معها كغريب ويبرر ذلك بأنها تختلف عن تلك الأم أو الأخت، وفي الحقيقة هذا غير صحيح فالمرأة هي المرأة ذاتها فإن لم تكن أمي فهي أم لصديقي أو أخت لزميلي أو زوجة لمسؤولي، ففي النهاية تبقى المرأة هي المرأة.
أسئلة مشروعة
ثم بدأ يتحدث بصوتٍ هادئ وكأنه حكيم آتٍ من زمنٍ جميل فيه البساطة والهدوء، فاخترق صوته قلوب الأصدقاء وكانوا منصتين له بجوارحهم.
• هل نحن كرجال ندرك أن المرأة غالباً ما تضع احتياجاتها الخاصة في الانتظار؟ لنكن أكثر أنانية وراحة واسترخاء، وعلينا أن نعيد التفكير في ذلك من خلال التعامل معها.
• هل نفكر فعلاً في العمل الذي تقوم به في المنزل وخارجه، إنها طاقة جبارة علينا ألا نخسرها، بل لنوجه لها السؤال «ماذا تريدين؟» ولنستمع جدياً لا بالسخرية.
• لمَ لا نتعاطف مع المرأة ونحتويها، حسناً ولنبدأ خطوتنا ذراعاً ولا بد ستمد ظلها اللا منتهي.
• لندع للمرأة وقتاً للمواجهة وللخوف، لتتمكن من تحقيق ما تحب وما تريد من دون الحديث والتوجيه، بل لنصمت قليلاً وننصت لصوتها وفكرها وقلبها ونحن ننظر إلى عينيها.
استشارة
• خلال الأسابيع الأربعة الماضية، بدأت تظهر على زوجي بعض الأعراض، زوجي مهندس ميكانيكي عمره 24 عاماً نشط وحيوي ولديه الكثير من الطموح والأنشطة اليومية، ومؤخراً أصبح يعاني مشاكل في النوم، إذ كان يسعى إلى الحصول على المساعدة لحالته المزاجية السلبية، حيث يعاني بعض الأعراض والتصرفات غير الطبيعية، وفقد الكثير من وزنه بسبب امتناعه عن الطعام، ولم يعد يستمتع بأوقاته كما كان في السابق، فلم تعد له القدرة على الذهاب للعمل أو حتى ممارسة أنشطته اليومية التي اعتادها. أصبحت أحاديثه سلبية وحتى نظرته لنفسه، وأصبح وحيداً لأنه يرفض الخروج مع أصدقائه كما كان في السابق، وطلب إجازة طويلة لعدم قدرته على القيام بمهامه الوظيفية. فما الأمر؟
- إنه يعاني الاكتئاب ولا بد من وجود أسباب أدت إلى ذلك، من خلال وصف الأعراض يجب أن يراجع الطبيب النفسي لأخذ دواء يقلل من تلك الأعراض، ومن ثم مراجعة أخصائي نفسي للبحث عن الأسباب لمواجهتها والتعامل معها. ولكن في هذه المرحلة يجب أن يتناول الدواء للضرورة.