يسافر الكثيرون من المنطقة العربية إلى المدن الأوروبية لقضاء إجازاتهم، والغالبية منهم لا يزورون إلا المناطق الشهيرة منها. يفتقد بعض الناس حس الاكتشاف، ولكن إن تمتعوا لمرة واحدة بحس المغامرة، فسيكتشفون مناطق جدية جاذبة، يستمتعون فيها بإجازة لا تنسى تفوق كل توقعاتهم. «زهرة الخليج» تصحبكم برحلة إلى أماكن جديدة في «عاصمة الضباب» لندن، و«عاصمة الورود» أمستردام.
لندن.. هي مدينة المفاجآت، فهي المدينة الحية والقلب النابض في الثقافة والفن والموضة التي احتضنت الأدباء والشعراء والفنانين والعلماء والمفكرين، من كل أنحاء الأرض بغض النظر عن أصولهم، وألهمتهم وسمحت لهم بالإبداع بكل حرية. إنها العاصمة البريطانية التي تجذب الملايين من محبيها إليها عاماً بعد عام، بفضل كل ما تقدمه من ترفيه في مجالات واسعة ومتنوعة من المتاحف والمعارض، إلى المتاجر والحدائق بخضارها الخلاب. ولكن كثيراً ما تنحصر رحلة المسافرين إلى لندن في المناطق المحدودة في وسط وغرب المدينة، حيث تقع أشهر معالمها السياحية والمحلات العالمية.
ولكن نادراً ما يتجه السياح، خاصة من منطقتنا العربية، إلى شرق لندن لقضاء إجازاتهم، ولكن من يغامر ويذهب إلى هناك سيكتشف أنها أصبحت من أهم المناطق السياحية الشبابية في العاصمة الباردة شتاء المشرقة صيفاً، فبين ثنايا تاريخها العريق، تجتمع تناقضات الحياة. فقد كانت لعقود طويلة من أكثر مناطق العاصمة فقراً وأكثرها تهميشاً، ولكنها اليوم تغيرت معالمها وروحها بشكل جذري، فبات سكان المنطقة حالياً، من الفنانين الشباب وموظفي الشركات الدولية والمصارف، الذين وفدوا إلى أحياء شرق العاصمة القريبة من الحي المالي ومنابع الإبداع الفني والموسيقي.
وجهة جديدة
من أراد من السائحين اكتشاف وجه جديد للندن، وقضاء وقت ممتع والتعرف إلى العاصمة البريطانية الشهيرة، بطريقة لم يرها من قبل مهما كان عدد زياراته السابقة لها، فلا شك في أن مناطقها الشرقية يجب أن تكون مقصده، حيث سيجد أن فندق Andaz التابع لمجموعة Hyatt، سيوفر له تجربة فريدة على نسج الأفكار المحيطة به في المنطقة، ويستقي إلهامه من روح المدينة. فهو يقع إلى جانب محطة Liverpool Street مباشرة. وهي من محطات القطار الحيوية والأساسية في لندن. كما أنه لعب دوراً مهماً في تاريخ المنطقة. فقد تم بناؤه سنة 1884 ليكون فندق Great Eastern الشهير، إلا أنه في عام 1996 قام بشرائه سير تيرانس كونران، وأعاد تصميمه في عام 2016 مضيفاً لمسات فنية حديثة، إلى جانب بعض العناصر الأصلية للحفاظ على روح المكان التاريخي، بهدف ابتكار مكان عصري ومريح، يثير اهتمام جيل جديد من الزوار والتعبير عن تاريخ منطقة شرق لندن وثقافتها الخاصة.
ثقافة الشارع
على بعد أمتار من الفندق، يقع شارع Brick Lane الشهير، الذي كان يعتبر معقل الجالية البنغالية في العاصمة. يشتهر منذ أعوام طويلة بسوقه الشعبي ومطاعمه المتخصصة في أكلات دول جنوب شرق آسيا، والتي تعتبر من أفضل مطاعم الكاري في بريطانيا. كما يتميز هذا الشارع والمناطق المجاورة له برسومات الجرافيتي واللوحات الفنية المبهجة على الجدران. وهناك عدة شركات توفر الجولات التعريفية مع مرشدين مختصين في فن الجدران، الذين يشاركون محبي ثقافة الشارع والفن الحديث معلومات مثيرة جداً، ليس فقط عن اللوحات والرسومات والفنانين ولكن عن أحداث المنطقة وتاريخها الغني.
في صباح كل أحد يمكنك الذهاب إلى سوق الزهور Columbia Road للاستمتاع بمشهد يتفجر بألوان الطبيعة. ففي هذا السوق العتيق، يوجد أكثر من ستين متجراً وكشكاً لبيع الأزهار والنباتات إلى جانب أدوات العناية بالحدائق والزينة. كذلك يعتبر Spitalfields من أقدم الأسواق في لندن، وهو يتميز بأكشاكه المختلفة التي تقدم الأزياء الفريدة من نوعها من ابتكارات شباب المصممين الجدد، بالإضافة إلى الحقائب والاكسسوارات والأطعمة من جميع أنحاء العالم. كما سيجد عشاق التاريخ والآثار، ستجدين العديد من المتاحف الخارجة عن المألوف مثل Museum of London Docklands الذي يعرض تفاصيل الحياة على ضفاف نهر التايمز من العصر الروماني إلى القرن التاسع عشر، وقتما كان دوكلاندز هو أكبر ميناء في العالم وصولاً إلى أحداث الحرب العالمية الثانية.
أمستردام.. عشق الفن والمغامرة
من روائع العصر الذهبي المذهلة إلى الفن المعاصر المبتكر، تشبه مدينة أمستردام بطبيعتها متحفاً مفتوحاً للفنون والدرر الثقافية. تتحلى العاصمة الهولندية بشعبها الودود وقنواتها الجميلة ومعمارها المبهج. وبين هذه المباني المتشابكة، توجد مجموعة كبيرة من المتاحف والمعارض الفنية المكتظة بالكنوز الثقافية. فأياً كان ذوقك في الفن، ستجد مكاناً يقدم غذاءً للعقل وروح.
وإذا كنت من محبات الفن، فلا شك في أن الإقامة في فندق Andaz فرع أمستردام، سيكون خيارك الأمثل لقضاء أجازة لن تنسيها على عجل. فهو يقع في قلب المدينة في منطقة برينسنغراخت القريبة من أهم المتاحف ومناطق التسوق، في مبنى رائع كان من قبل مكتبة تاريخية. ويتميز بتصميمه المختلف والفريد من نوعه المستوحى من قصة «أليس في بلد العجائب»، إذ سرح مهندس الديكور مارسيل واندرز بخياله الواسع، وأضاف لمسات مبهجة إلى التصميم الداخلي للفندق، تعبر عن روح الفكاهة المميزة لديه. من الكراسي على شكل الأزهار إلى الصالة الزرقاء المستوحاة من صناعة سيراميك الـ Delft الهولندي التقليدي والمصعد الزجاجي، الذي يطل على مجموعة من الكرات والأجراس والرسومات المتعلقة في الهواء. وينعكس حب المدينة للفن الحديث على تصميم الفندق، إذ توجد شاشات كبيرة الحجم في ردهة الفندق، بالإضافة إلى شاشات تلفزيونية متعددة على كل طابق، لعرض فيديوهات لأعمال فنية رقمية حالمة وغير متوقعة وأحياناً مضحكة.
جواهر فنية
على بعد دقائق من الفندق، توجد الجوهرة الفنية الكبرى في تاج أمستردام، وهو متحف Rijks. يوجد هذا المتحف الضخم في مبنى كلاسيكي من القرن التاسع عشر. وبعد عقد كامل من الترميم والتجديدات، تمت إعادة افتتاحه في عام 2013 بأقسام جديدة وعصرية، مثل الردهة الحديثة والمطعم الفاخر الذي يقدم المأكولات بنكهات محلية مميزة. ومن بين عدد كبير من المقتنيات الفنية المعروضة، تلمع أعمال ريمبراندت وتحديداً لوحة The Night Watch التي تعتبر من روائع العصر الذهبي الهولندي.
وعلى الصعيد المعاكس تماماً، يشتمل متحف Electric Ladyland على غرف كاملة مكتظة بالقطع الفنية، بألوان فسفورية مشعة تخطف الأنفاس وتوقظ الحواس. فيمكن للزائر أن يتفاعل مع كامل الأجواء بالإضافة إلى صناعة قطعة فنية من ابتكاره، وبالتالي تختلف تماماً عن أي تجربة أخرى في عالم الفن الحديث. تعرض الإعلانات والأعمال الفنية الفسفورية من عام 1932 حتى الآن، إلى جانب العناصر الفسفورية المضيئة الموجودة في الطبيعة من عوالم الفلك والجيولوجيا وحتى تحت البحر.