زيت النخيل الاستوائي موجود في معظم الأغذية المصنعة أو المحولة، المعلبة منها أو المعبأة أو الجاهزة للأكل. المشكلة أنه أسوأ صحياً من أسوأ الشحوم الحيوانية، لما يحتويه من أحماض دهنية مشبعة.
وطبعاً، لا نقصد «نخيلنا»، الذي يثمر بلحاً وتمراً، إنما شجرة نخيل زيتية تنمو في المناطق الاستوائية، لا سيما ماليزيا، أول منتج عالمياً، تليها إندونيسيا ثم تايلاند والصين وبلدان أفريقية (نيجيريا، ليبيريا، ساحل العاج، الكونغو، الكاميرون) وأميركية جنوبية (كولومبيا، الأكوادور، البرازيل).
فلماذا تصرّ شركات الصناعات الغذائية على استخدام زيت النخيل على الرغم من أنه الأسوأ صحياً على الإطلاق؟
السبب، ببساطة، هو لأنه أيضاً الأرخص على الإطلاق. إذ تنتج نخلة الزيت ثمرة حمراء، تُعصر «على الساخن» لاستخراج زيت أحمر اللون أيضاً. وهي النبتة الزيتية الأكثر إنتاجية لناحية عدد الأطنان للهكتار الواحد وعدد كيلو جرامات الزيت من الطن الواحد: 220 كيلو جرام زيت لكل طن، أي 10 أضعاف الصويا مثلاً.
ثم يُرسل الزيت الخام إلى مصانع تكرير معقدة، تشبه مصافي النفط، لإزالة لونه الأحمر وتحويله إلى أنواع عدة، سائلة ومستحلبة وصلبة بحسب الحاجة. وتلك أيضاً من «مزاياه». فهو يُسوق على شكل عجينة مرنة، شبه بلاستيكية، أو كتل صلبة أو مائعة تشبه الزبد، وقوالب تسمى «زبداً نباتياً» (أو «مارغارين»)، وأشرطة رفيعة (تستخدم خصوصاً للـ«كرواسان» والمعجنات الصناعية)، وهلم عجناً وخَبزاً.
فزيت النخيل هو الأسهل تحويلاً: من سائل إلى جيلاتيني أو مستحلب أو صلب، وبتشكيلة ألوان متعددة. وهو أرخص 10 مرات من الزبد. وأرباب صناعات الأغذية يتوخون الربح، لا إطعام الخلق «لوجه الله». وبحسب تقرير للتلفزيون البلجيكي، تشكل شركة «نستله» للصناعات الغذائية أهم زبون لزيت النخيل، بحيث تمتلك مزارعها الخاصة في إندونيسيا، على حساب البيئة. فمن أجل تلك المزارع، أزيلت ملايين الهكتارات من الغابات، مما أدى إلى تخلخل بيئي خطير في الجزر الإندونيسية، وخفض التعددية البيئية، وتهديد عشرات الأجناس النباتية والحيوانية بالانقراض. وأصبحت إندونيسيا، على الرغم من أنها ليست بلداً صناعياً كبيراً، الثالثة في قائمة البلدان الأكثر لفظاً لغازات الاحتباس الحراري (بعد الصين والولايات المتحدة).
ومن أكثر الأغذية احتواءً على زيت النخيل، هناك خلطات البندق والكاكاو. وأشهرها «نوتيلا»، التي تنتجها شركة «فيريرو» الإيطالية، لكن ليس بالضرورة في إيطاليا. وهذه تضم 9.2% من وزنها زيت نخيل. وهي نسبة عالية جداً، إنما غير مذكورة في قائمة المكونات، التي تقول «سكر، زيت نخيل، بندق (13%)، كاكاو (7.4%)، إلخ». إذن، تعترف الشركة بوجود زيت نخيل في «نوتيلا»، إنما مع إغفال ذكر نسبته. في المقابل، لا تشير إعلاناتها التلفزيونية بتاتاً إلى زيت النخيل، وتصور المنتج وكأنه لا يضم سوى بندق وكاكاو وحليب. والأنكى: ثمة خلطات مماثلة، أقل شهرة، تضم نسباً أعلى من زيت النخيل من دون أن يذكر في المكونات بتاتاً، مع الاكتفاء بمصطلح «زيت نباتي».