أشرف جمعة (أبوظبي)
استعادة وجوه الذين سكنوا القلوب والعقول عقوداً طويلة بأصواتهم العذبة التي تظلل الحياة، في زمن تأزمت فيه الأغنية العربية وغاب عنفوانها قليلاً، هي حلم يراود الثقافة العربية بكل تطلعاتها المستقبلية.. ومن هنا تستكمل العاصمة أبوظبي مشروعاتها الإبداعية الكبرى بإطلاق برنامج «الزمن الجميل»، الذي يسترد عافية الطرب العربي الأصيل، وينقّب عن المواهب المسكونة التي تبحث عن تحقيق أحلامها في الإمارات، بعد أن فتحت نوافذها لأسماء تعيش في الظل، تتمنى لو مُنحت ميكروفوناً وآذاناً خالصة تسمعها لتكشف عن جمالياتها.
لم يكن برنامج «الزمن الجميل» عودة للماضي، فعربة الزمن لا تمضي إلى الوراء بقدر ما تسابق الريح لتستجمع خيوط الحنين إلى زمن كانت فيه الأغنية العربية تحتشد بالجمال والكبرياء، ومن ثم ترسم وجه المستقبل بكثير من الشجن والبهجة وهي تصدح عبر حناجر ومشاعر الزمن الجميل، المسكون بلهفة المغامرة.
حضور استثنائي
أعلنت شبكة قنوات تلفزيون أبوظبي التابعة لأبوظبي للإعلام عن بدء مرحلة تجارب الأداء للمرشحين المشاركين في البرنامج الجماهيري الجديد «الزمن الجميل»، أمس الأول، بالتعاون مع وزارة الثقافة وتنمية المعرفة، واستضافت أبوظبي 100 متنافس لعرض موهبتهم في الغناء الطربي الأصيل من إجمالي 8600 متقدم للبرنامج الذي ستنطلق أولى حلقاته على شاشة «قناة أبوظبي» في فبراير المقبل، وشهدت مرحلة تجارب الأداء حضوراً استثنائياً للجنة التحكيم المؤلفة من الفنانة أنغام، والفنان مروان خوري، والفنانة أسماء لمنور، الذين سيكون لهم الدور الأكبر في هذه المرحلة في عملية تصفية المشتركين والوصول بأفضل عشر مواهب إلى العروض المباشرة، حيث سيشاركهم الجمهور حينها في الاختيار عن طريق التصويت.
كما يشارك في البرنامج أربعة مدربين يتمتعون بتاريخ عريق من الفن واستكشاف المواهب وإطلاقها إلى العالم العربي، إلى جانب خبرتهم الطويلة في الموسيقا والصوت، وهم الفنان جاسم محمد عبدالله من الإمارات، مدير مركز الموسيقا بوزارة الثقافة وتنمية المعرفة، ومن العراق د. فتح الله أحمد رئيس قسم الأصوات والغناء العربي والبحوث في بيت العود، واختصاصية موسيقا الشعوب الأستاذة عليسا عربي من تونس، وسينضم إليهم الدكتور سليمان غنام الديكان من الكويت، المؤلف والموزع الموسيقي الأوركسترالي، وأول خليجي يقود فرقة موسيقية في دار الأوبرا المصرية.
وتسعى «أبوظبي للإعلام» من خلال برنامج «الزمن الجميل»، الذي يعد فريداً من نوعه، إلى استكشاف مواهب استثنائية قادرة على أداء اللون الطربي العربي الأصيل، بهدف المساهمة في إحياء الهوية الغنائية العربية واستحضار عصر الطرب الذهبي، بأسلوب تقييم مبتكر يركز على الأصوات المتميزة مع الحفاظ على إخفاء هوية المتسابقين المرشحين حتى مرحلة العروض المباشرة، وبإجمالي 13 حلقة تعرض أسبوعياً على «تلفزيون أبوظبي».
بيئة محفزة للمبدعين
وقال سعادة الدكتور علي بن تميم مدير عام «أبوظبي للإعلام»: «إن هذا البرنامج يعيد إلى المجتمع الفني والإبداعي روح المبادرة وإحياء الطرب الأصيل في عصر تعاني فيه صناعة الموسيقا العربية من التحولات التي أبعدتها عن تاريخها وأضعفت أصالتها»، وأضاف أن «أبوظبي نجحت في ترسيخ مكانتها، كحاضنة للنجوم، وبيئة محفزة للمواهب والمبدعين، بالنظر إلى طبيعة البرامج الفنية والترفيهية النوعية التي حرصت على إطلاقها، لتسهم في تقديم جيل جديد من الفنانين والمواهب العربية الذين كانت أبوظبي منصة لانطلاقتهم إلى العالم، حيث أسهمت في بناء صناعة إعلامية عنوانها الترفيه الهادف».
وأشار د. علي بن تميم إلى أن إطلاق البرنامج ينسجم مع الأولويات الاستراتيجية لـ«أبوظبي للإعلام» الرامية لإنتاج محتوى متنوع يسهم في بناء تجربة تفاعلية، تحاكي أذواق مختلف فئات المجتمع على مستوى المنطقة.
نجوم جدد
من جهته، قال عبدالرحمن عوض الحارثي، المدير التنفيذي لدائرة التلفزيون في أبوظبي للإعلام، إن برنامج «الزمن الجميل» ليس مجرد برنامج غنائي أو منتج إعلامي جديد تقدمه «أبوظبي للإعلام»، بل هو نهج وفكر نسعى من خلاله إلى استعادة الموسيقا العربية الغائبة، من خلال تسليط الضوء على النجوم الأوائل وإسهاماتهم الموسيقية، واستكشاف نجوم جدد قادرين على إحياء الفن الأصيل.
وأكد الحارثي أن «الزمن الجميل» يمثل بداية مرحلة جديدة من العمل المشترك للعودة بالفن الطربي الأصيل إلى مكانته التي يستحقها، من خلال لجنة تحكيم تضم كفاءات فنية وتتمتع بتاريخ استثنائي، وإسهامات فنية كان لها أكبر الأثر في الحفاظ على الفن الأصيل، واليوم، سيكون لهم الدور الأكبر في تتويج هذه الجهود، عبر اكتشاف الصوت المنتظر، وتسليط الضوء على فنانين يتلمسون طريقهم إلى النور والشهرة.
خمس حلقات
وتشارك الفنانة والمذيعة إيميه صياح في تقديم البرنامج، الذي يستضيف في عروضه المباشرة 8 من أهم نجوم الغناء في العالم العربي، ليشاركوا مع المتأهلين الـ10 في الغناء وفي إحياء فن الزمن الجميل، من خلال تخصيص كل حلقة من العروض المباشرة الـ8 للاحتفال باثنين من عمالقة الفن الطربي الأصيل.
وستقوم لجنة التحكيم بتقييم المشاركين لترشيح المؤهلين العشرة عبر تجارب الأداء التي ستكون موزعة على أربع مراحل رئيسة تتوزع على خمس حلقات مسجلة، ففي المرحلة الأولى من التصفيات يتم تقييم 100 متسابق، وإقصاء النصف، أما في المرحلة الثانية فإنه سيتم تقييم الـ50 متسابقاً وإقصاء 20 منهم، في حين ستقوم لجنة التحكيم في المرحلة الثالثة باختيار أفضل 20 متسابقاً قبل انطلاق المرحلة الرابعة التي تستهدف اختيار أفضل 10 متنافسين فقط.
غموض وتشويق
ويحصل المشاركون المتأهلون على دعم المدربين المتخصصين من أساتذة الغناء العربي لمساعدتهم في تطوير قدراتهم الغنائية وتعزيز فرصهم للفوز بالمسابقة، وسيتميز البرنامج عن غيره من برامج المسابقات الغنائية في أسلوب تقييم المشاركين خلال مرحلة تجارب الأداء، حيث ستقام في أجواء من الغموض والتشويق، وسيطلب من المشاركين فيها أداء التجارب والغناء خلف باب مزدوج وضع في وسط المسرح، بحيث لا يتسنى لأعضاء لجنة التحكيم رؤيتهم، وإنما الحُكم عليهم من خلال صوتهم فقط.
ويوفر تصميم الباب تقنية مبتكرة سيتمكن من خلالها كل عضو من أعضاء لجنة التحكيم من إظهار جزء من هوية المتسابق في حال رأى أن مستواه لا يؤهله إلى المرحلة المقبلة، في حين سيبقى الباب قاتماً في حال أرادت اللجنة أن يبقى المشترك في المسابقة، ولن يتمكن أعضاء لجنة التحكيم من رؤية المتسابقين المتأهلين للمراحل المقبلة بشكل كامل حتى الوصول إلى مرحلة المتأهلين العشرة الأواخر وبدء عروض الحلقات المباشرة.
الحكم بموضوعية
وأبدت الفنانة أسماء لمنور سعادتها للمشاركة في البرنامج، موضحة أنها تود مشاركة المواهب الجديدة فرحة النجاح، متمنية أن تقدم كل ما لديها من أجل إفادة الأصوات الجديرة بالاهتمام، خصوصاً أنها استمعت خلال فترة الاختبارات إلى مواهب مكتملة وقادرة على إحداث الأثر المطلوب في المسيرة الغنائية عبر هذه التجربة الاستثنائية، لافتة إلى أن الاستماع إلى الأصوات دون رؤية الشكل والانفعال في أثناء الاختبارات جعل أعضاء اللجنة في حالة تركيز شديد من أجل الحكم بموضوعية على الإمكانيات الصوتية لكل مشارك.
نحو النور
وأوردت الفنانة أنغام أن برنامج «الزمن الجميل» يحيي زمناً رائعاً ويذهب بالمواهب إلى المستقبل، وأن مثل هذه التجربة ستجعل للغناء العربي في حال نجاحها شكلاً آخر، خصوصاً أننا بحاجة لاستعادة أصولنا الثقافية وتفوقنا الإبداعي في أزهى مراحل الفن، مشيرة إلى أنها سعيدة بوجودها وسط زملائها الفنانين أعضاء لجنة التحكيم الذين تشعر بتناغم كبير معهم أثناء العمل، وأن اللجنة معنية بتوجيه المشاركين وتزويدهم بالخبرة، وأن أغنية الزمن الجميل هي العنوان الذي سينطلق منه هذا البرنامج، موضحة أن الأصوات الواعدة ستشق طريقها نحو النور من خلال هذه التجربة.
معيار الإبداع
وأوضح الفنان مروان خوري، أن النجوم الجدد سوف يعبرون من بوابة البرنامج إلى بريق الأغنية الحقيقية، لافتاً إلى أنه اكتشف أثناء الاستماع إلى بعض المشاركين أن هناك أعماراً صغيرة لديها مساحة صوتية وموهبة كبيرة تفوق أعمارهم بكثير، وأن هناك مشاركين من أعمار كبيرة لا يمتلكون القدرات التي تتوافق مع مستوى النضج العمري، وأن الفن يعود في النهاية لمعيار الإبداع كشرط رئيس للتفوق والنجاح، ويرى أن «الزمن الجميل» سينطلق بالأغنية العربية إلى الأمام وسيكون خارج التوقعات.
أصالة وحداثة
بالمسرح الوطني في أبوظبي، كان نحو 20 مشاركاً ينتظرون على مقاعد الاختبارات، بينما كانت التجهيزات خلف الكواليس تؤكد حضورها بالتصاميم والديكورات البديعة، حيث البوابة بخطوطها المستقيمة وأنوارها الساطعة ويتوسطها ميكروفون وتظهر عن اليمين وعن الشمال مصابيح، وخلف البوابة لوحة بألوان الطيف مكتوب عليها بخط مذهّب «الزمن الجميل»، وعلى هامش الحدث، كانت هناك جولة تفقدية للحضور بالاستوديو، أعقبتها جلسة حوارية، توجه فيها سعادة الدكتور علي بن تميم، مدير عام «أبوظبي للإعلام» بالشكر إلى لجنة التحكيم الذين يعدون من النخب الفنية، وكونهم يسهمون في التأصيل للأغنية من خلال حضورهم المؤثر المبني على رؤية أكاديمية ومسيرة مشرفة، لافتاً إلى أن «الزمن الجميل» لا يستكشف المواهب فحسب، وإنما يضع أصحاب الإبداع الحقيقي على أرض صلبة لتتعرف الأجيال إلى الأغنية المعاصرة بصوت الزمن الأصيل، وأكد أنه واثق من أن لجنة التحكيم ستحدث الفارق، متمنياً نجاح التجربة.
وأكد بن تميم، أننا نمضي قدماً متسلحين بالأصالة والحداثة، وأن ذلك من معطيات فكر المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، موضحاً أن أبوظبي تمضى في مشروعاتها الإبداعية بخطى ثابتة.?وأشار سعادته إلى أن الأصوات المشاركة أثبتت أن عالمنا العربي به مواهب حقيقية تنتظر الإضاءة الصحيحة عليها، وأبوظبي للإعلام طالما احتضنت المواهب الحقيقية وأبرزتها، ونعد المشاهد بصورة بصرية غاية في الجودة وبرنامج نتوقع أن يكون الأقوى والأجمل.
مرحلة النجومية
يبين الفنان الإماراتي جاسم محمد عبدالله، عضو لجنة التدريب ومتابعة المتسابقين في المرحلة الأولى من المسابقة، أنه تم إعداد محاضرات تثقيفية للمشاركين وإعطاؤهم نبذة عن البرنامج والآليات والقوالب الموسيقية في الزمن الجميل، ومن ثم طلبنا من كل متسابق أن يغني القالب الذي يناسبه بعد تدريبه على كيفية التعامل مع التنفس أثناء الغناء، وركزنا على الأساسيات وتحديد الطبقة بمصاحبة الآلات الموسيقية لمعرفة خامة الصوت حيث يمر المتسابق بخمس مراحل، مشيداً بفكرة البرنامج وقدرته على تقديم أصوات موهوبة ومصقولة حتى يصلوا لمرحلة النجومية.
فكرة راقية
قالت نشوة الرويني، الرئيس التنفيذي لشركة بيراميديا: إنها فخورة بالعمل مع «أبوظبي للإعلام» من جديد على فكرة غاية في الرقي مثل برنامج «الزمن الجميل».. هذه الفكرة التي تحيي زمن الطرب الأصيل في قلوبنا وأسماعنا».
«سنة حلوة يا جميل»أثناء استراحة للجنة التحكيم، غنت أنغام ومروان ولمنور «سنة حلوة يا جميل»، في مفاجأة أرادت من خلالها الفنانة أنغام أن تهدي هذه الأغنية بشكل جماعي إلى ابنها عبد الرحمن الذي يبلغ من العمر 12 عاماً لحلول مناسبة عيد ميلاده، وكانت فرصة لاحتفال الحضور وسط أجواء من المرح والفكاهة.