الشابة الفلسطينية آثار حنايشة (23 عاماً) لقبها من حولها بـ«أميرة النحل» لشغفها بتربيته، وأن يكون قفير العسل هو مشروعها الخاص الذي تربي فيه صغيراتها وتجمع منه العسل وتصنع الصابون، لا أن تنتظر شفقة أمام أرباب العمل الذين يفضلون الذكور في مجال تخصصها. وتتميز حنايشة بالذكاء وحب الاستكشاف مما دفعها إلى تحدي البطالة بإقامة مشروع لإنتاج العسل والصابون المستخرج منه.
حنايشة التي تخرجت في قسم الإنتاج الحيواني وصحة الحيوان من جامعة النجاح قبل عام، بينت لـ«زهرة الخليج» أن فكرة المشروع جاءت من خلال دراستها لمساق «تربية النحل وأمراضه» ورغبة منها في التعرف إلى عالمه، فانتسبت لدورة تربية النحل للمبتدئين في وزارة الزراعة، وتقول: «في مجال الإنتاج الحيواني والزراعي من الصعب على الفتيات العمل، لأن أرباب العمل يطلبون الذكور، ونادراً ما يطلبون إناثاً، وهذا ما دفعني للتفكير في العمل بمشروعي الخاص في مجال دراستي».
وتضيف: «قادني الشغف للتعرف إلى جمعية مربي النحل، وكنت على تواصل دائم معهم، وقمت بزيارة مناحل عدة من خلالها، وقررت حينئذٍ أن أبدأ بتربية النحل بنفسي».
تغلبت على الخوف
وعلى الرغم من أن الأنثى بطبيعتها تخشى الحشرات، إلا أن حنايشة استطاعت التغلب على الخوف من النحل، مؤكدة أن «عالم النحل لطيف، وجدت فيه المتعة، وتعلمت كيفية التعامل الصحيح معه».
بدأت حنايشة رحلتها مع النحل بخمس خلايا، ارتكبت خلالها الكثير من الأخطاء، لكنها كما تقول، تعلمت من أخطائها، وتضيف: «عندما بدأت التعامل مع خلايا النحل تعودت على ألا أكون بمفردي، وعند مغادرتي موقع الخلايا كنت أهرب منها خشية اللسع، وعندما أدركت أنني أمام مشروع أنا مسؤولة عنه وعن كل شيء فيه وعن نتائجه، بدأت أعتاد الأمر وأعمل وحدي بطريقة عادية ومريحة».
وتضيف: «واجهت بعض السخرية والانتقادات الكثيرة بحجة أن عمل خلايا النحل مقتصر على الرجال، لكني أؤمن بأنه ليس هناك عمل خاص بالرجال، فالجرأة والإرادة تجعلان المرأة تعمل في المجالات كافة، وقد أثبتّ لهم أنهم مخطئون وازدادت الخلايا الخمس إلى ثماني خلايا». وتؤكد حنايشة بفخر واعتزاز أن والدها كان له دور كبير في مساندتها كونه يمتلك مشروعه الخاص بتربية الإبل، وأشارت بحب وشغف كبيرين إلى أنها تطمح للتوسع أكثر في تربية النحل.
صابون العسل
رحلة حنايشة مع النحل بدأت مع تربيته والعناية به وجمع العسل والشمع ومنتجات النحل، كما قادها الشغف لتطوير مشروعها إلى صناعة الصابون من العسل، وتقول بابتسامة عريضة وقد أمسكت بقطعة صابون صغيرة محفورة عليها صورة نحلة: «كانت أول قطعة صابون أعملها بحليب الإبل وزيت الزيتون، وبدأت أوزع الصابون على صديقاتي، وبعدما أصبح عندي نحل عملت نوعاً جديداً من الصابون، هو صابون العسل وماء الورد بالجلسرين «للبشرة الجافة»، وقمت بتوزيعه على مدن الضفة الغربية، وهناك الكثير من الطلب عليه».
غذاء ملكي
تسرد حنايشة جانباً عملياً بالحديث عن حياة النحل، معرّفة بآلية استخراج الغذاء الملكي، الذي يعتبر غذاءً فعالاً سريع الهضم وله تأثير في النمو والتكاثر: «تتم العملية بخطوات عدة، نقوم بنقل اليرقات الصغيرة من أقراصها إلى كؤوس شمعية بلاستيكية ونضعها في غرفة مناسبة حرارتها 25 درجة مئوية مع وجود مصدر ضوئي خفيف، وبعد مضي ثلاثة إلى أربعة أيام من عملية النقل، نأخذ الكؤوس الشمعية إلى غرفة العمل التي يتم فيها استبعاد اليرقات بإبرة التطعيم وجمع الغذاء الملكي من تلك الكؤوس بملعقة صغيرة مصنوعة من الخشب أو المعدن غير القابل للصدأ».
قوة من الصين
إبداع الفتاة الفلسطينية لم يقتصر داخل حدود وطنها، فسافرت حنايشة إلى الصين لتطوير تجربتها في تربية النحل، وتقول: «سفري كان ضمن مجموعة من جمعية الصداقة الفلسطينية الصينية لمدة شهرين، لمعرفة الأساليب التي يتبعونها في التعامل مع النحل»، وأضافت: «حصلت على شهادة فخرية تعزز من فكرة مشروعي من بروفيسور صيني»، وتتابع: «رحلتي إلى الصين لم تكن مجرد رحلة عابرة، فقد تعلمت الكثير عن حياة النحل، وخضت أجمل تجارب حياتي، التي صنعت مني روحاً قوية تواجه تحديات المجتمع وعاداته وتقاليده».