«السر؟ ليس هناك سر»، كتاب حوَى تجربة فريدة لشاب إماراتي، رأى أن يخوض تحدياً لنفسه، وليثبت قدرة الإنسان على التغلب على كل ما يعتقد أنه حاجز في طريق حياته. الدكتور خالد جمال السويدي، الذي اختار سباق «ألتراماراثون» من دون توقف، من ميناء الفجيرة حتى ميناء أبوظبي عام 2018، دعماً لجهود جمعية رعاية مرضى السرطان (رحمة)، التي من أجلها أيضاً سيخوض تحدياً جديداً في فبراير المقبل، بالجري من أبوظبي إلى مكة المكرمة.
• لماذا اخترت سباق «ألترامارثون» بالذات، لتدعم مشاريع جميعة (رحمة) الإنسانية؟
لأنني كنت أكره الجري. وقبل اتخاذ القرار كانت أطول مسافة جريتها 10 كيلومترات متفرقة، كما أنني مصاب بمرض «فلات فوت» (القدم المسطحة) منذ ولادتي، وهذا يجعل الجري مرهقاً جداً، وعادة ما يُنظر إلى من لديهم هذا المرض على أنهم لا يستطيعون الجري، ولا يلتحقون بالقوات المسلحة بسبب ذلك. واختيار رياضة لا أحبها ومرهقة كان نوعاً من إعطاء التحدي صعوبة أكبر. وفي فبراير المقبل لديّ تحدٍّ آخر بيني وبين نفسي، بالجري من أبوظبي إلى مكة المكرمة، دعماً للجمعية.
• هل تفكر مستقبلاً في إشراك شخص آخر معك في تحدياتك الرياضية؟
وجود تحدٍّ أخوضه ومعي آخرون فكرة لها جاذبيتها، لكن هذا مشروط بأن أجد من يقبل التدريب المرهق وبذل الجهد المطلوب. فإذا وجدت هذا الشخص فلمَ لا؟
تفاصيل
• حدثنا عن طاقم الرحلة الذي يسير معك، ممَ يتكون؟
صحبني في الـ«ألتراماراثون» فريق مكون من المدرب الذي استعنت به قبل شهر ونصف الشهر من بدء الجري من الفجيرة في شهر فبراير الماضي، ومعالجة فيزيائية، وصديق كان يدربني في أول رحلتي الرياضية عام 2015، حين كنت مهتماً حينها برياضة بناء الأجسام. كما رافقني أفراد من شركة كانت تنظم عملية إغلاق الطرق والتقاطعات خلال الجري، وسيارة إسعاف، ومصورون من قناة «ناشيونال جيوغرافيك»، كانوا يُعدّون فيلماً وثائقياً عن الرحلة، وكان والدي مع بعض أصدقائه يرافقوننا.
• لماذا اخترت تأليف كتاب عن الرحلة، ووجود صعوبة في التأليف أكثر من ممارسة الـ«ألتراماراثون» كما قلت في محاضرة لك؟
لم يكن في ذهني الكتابة عن الـ«ألتراماراثون» إلى أن أنهيته، لكنني وجدت أن عدداً كبيراً من الأفكار يتولد في ذهني، كانت الأفكار تكبر يوماً بعد يوم فنبتت في ذهني فكرة تسجيل ما مررت به. ووجدت الأمر ممتعاً، لأنني حفظت التفاصيل المؤثرة في حياتي من الضياع، فالذاكرة تسقط منها الأحداث والمواقف بمرور الوقت. أما الكتاب فقد حفظ لي كل التفاصيل والذكريات. والسبب الآخر أنني أردت أن يقرأ أبناء بلدي وغيرهم تجربتي ليعرفوا أنه لا شيء مستحيلاً.
• كيف أصبحت علاقتك بالطبيعة بعد تجربة الـ«ألتراماراثون»؟
قدرتي على تذوق الجمال في كل شيء أصبحت أعلى. حين بدأت الرياضة أصبحت أميّز طعم كل نوع من أنواع التفاح وأشعر بخصوصية جماله. ومن الأشياء الجميلة أنني لاحظت خلال تدريبي على شاطئ السعديات أن مجموعة من «الدلافين» ترافقني أحياناً، وتسبَح في الاتجاه الذي أجري فيه وتظهر وتختفي وتمرح وكأنها تُحيّيني وتشاركني النشاط. اعتبرت ذلك هدية من الطبيعة لي.
تراجع
• هل فكرت خلال الرحلة ولو لمرة واحدة في الانسحاب وإلغاء التحدي؟
بصراحة نعم. لكن ذلك لم يستمر سوى دقيقة واحدة أو أقل. في لحظة كنت قد تعبت، حتى إن كل خلية في جسمي كانت تصرخ. نمت على الرغم مني 45 دقيقة مليئة بالكوابيس، كنت أريد النوم ربع ساعة فقط. حدث هذا بعد قطع نحو 190 كيلومتراً، في منطقة «سيح السديرة». ولكن شعوري الداخلي لا يوصف حين حطمت «الحائط».
• بماذا كنت ترد على الكلمات السلبية التي كانت تحاول تثبيطك قبل بدء السباق؟
لم يكن لديّ الوقت للرد في الحقيقة، ولم يكن الموقف السلبي مفاجئاً لي. والحقيقة أن الموقف لم يكن سلبياً أو مثبطاً بقدر ما كان متشككاً.
• كيف تصف علاقتك بالقراءة؟ وما نوعية الكتب التي تهتم بقراءتها؟
القراءة مُكوّن أصيل في حياتي منذ الصغر، وأنا باحث وأكاديمي وأعمل مديراً تنفيذياً لمركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية. هذا يجعل القراءة في العلاقات الدولية والسياسة والتاريخ وعلم الاجتماع السياسي أموراً ملازمة لعملي وحياتي، وأسرتي أسرة مثقفة، وورثت عن والدي حب القراءة والثقافة.
بطاقة
• حاصل على شهادة الدكتوراه في الدراسات الشرق أوسطية والمتوسطية، من «كينجز كوليدج - لندن» في المملكة المتحدة.
• المدير التنفيذي بمركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.
• له اهتمامات بالسينما والموسيقى، ومعرفة بتاريخهما الثقافي والاجتماعي.