من أجمل القصص، التي تحفظها الذاكرة الإنسانية، قصة الملك البريطاني إدوارد الثامن الذي حكم 11 شهراً، ثم اختار قلبه بدل التاج. اختار التنازل عن العرش بعد أن أغضب قراره الزواج بواليس وارفيلد سمبسون، البسيطة عائلياً، والمطلقة مرتين، الحكومة البريطانية، والجمهور، وكنيسة إنجلترا. وكان عليه أن يلقي خطاباً إذاعياً، قال فيه بشجاعة قناعته: «من المستحيل أن أتحمل عبء المسؤولية الثقيل، وأؤدي واجبات الملك كما أرغب، من دون مساعدة ودعم المرأة التي أحب».
فقد وجد في واليس سمبسون من بنسلفانيا، نهاية عزوبيته التي دامت أربعين سنة. لقاؤه بها أحدث لديه صدمة غرامية قوية. وكان ذلك في عام 1934. فقد كانت متزوجة من أرنست سمبسون، رجل أعمال إنجليزي - أميركي، وكانا يعيشان بالقرب من لندن. سبق أن كانت زوجة لطيار أميركي، تركته مبكراً. عائلة الملك إدوارد الثامن اعتبرت ذلك إهانة لبريطانيا كلها.  لم يتراجع عن مشروعه أبداً. وقبل أن ينفذ قراره أحادياً، إذ أحدث شرخاً في التقاليد الأرستقراطية لبريطانيا، توفي والده الملك جورج الخامس في يناير 1936، وأعلن تلقائياً إدوارد الثامن ملكاً بوصفه ولي العهد والابن البكر للملك. وكان ذا شعبية كبيرة في مختلف الأوساط الاجتماعية. فجأة بدأت الصحافة الأوروبية والأميركية تنبش في قضية علاقته بواليس سمبسون، بينما ظلت الصحافة البريطانية صامتة على الموضوع. في 27 أكتوبر 1936، حصلت السيدة سمبسون على قرار أولي بالطلاق من أرنست، حتى تتمكن من الزواج بالملك. فثارت كنيسة إنجلترا ومعظم السياسيين البريطانيين ضد هذه العلاقة. لا يحق لامرأة أميركية مطلقة مرتين أن تصبح ملكة بريطانيا المحتملة؟ وكان ونستون تشرشل، من المحافظين، السياسي الوحيد الذي دعم إدوارد الثامن.
وعلى الرغم من ذلك كله، لم يتخلَّ الملك عن عزمه. واقترح حلاً وسطاً، ألا يمنح الزواج واليس أي حقوق في الرتب الملكية. ولكن رئيس الوزراء ستانلي بالدوين رفض الاقتراح. في اليوم التالي، ظهرت القضية في شكل فضيحة، في الصفحات الأولى من الصحف البريطانية، ونوقشت علناً في البرلمان. طلب من الملك إدوارد الثامن أن يختار أحد الحلين، إما التخلي عن فكرة الزواج من السيدة سمبسون، أو ترك التاج والعرش. فأعلن رسمياً تنازله على العرش لأخيه جورج السادس. وافق البرلمان على التنازل، وانتهى عهد إدوارد الثامن، مع احتفاظه برتبة دوق وندسور.
في الثالث من يونيو 1937، بعد أن اختار العاشقان فرنسا ملجأ لهما، تزوجا في شاتو دي كاند في وادي اللوار. زارا بعدها بلداناً أوروبية كثيرة، بما في ذلك ألمانيا، حيث لقيا تكريماً كبيراً من قبل المسؤولين النازيين، وفي أكتوبر 1937، التقيا أدولف هتلر. بعد اندلاع الحرب العالمية الثانية، قبل الدوق منصب ضابط اتصال مع الفرنسيين. وعندما سقطت فرنسا في يونيو 1940، في كماشة النازية، هرب إدوارد الثامن وواليس سمبسون إلى إسبانيا، لأن النازيين كانوا يخططون لاختطاف الملك إدوارد وإعادته إلى العرش البريطاني كملك دمية. وكان أخوه، جورج السادس، مثل رئيس وزرائه ونستون تشرشل، يعارضان بشدة أي سلام مع ألمانيا النازية.  كان ونستون تشرشل يعرف تعاطف الملك إدوارد مع النازية ما قبل الحرب، فعرض عليه على عجل أن يكون حاكم جزر البهاماس، فوافق وأبحر مع زوجته، وتفادى بذلك الاختطاف. بعد انتهاء الحرب، استقال من منصبه، وعاد إلى فرنسا من جديد. زار بريطانيا العديد من المرات، منها حضوره جنازة أخيه الملك جورج السادس في عام 1952، وجنازة والدته الملكة ماري في عام 1953. ظلت فرنسا مستقره حتى وفاته في باريس في عام 1972. دفن في قلعة وندسور. وعندما توفيت واليس سمبسون، في عام 1986، دفنت إلى جانبه بحسب وصيتها.