الموت المفاجئ عند الأطفال، لا يزال يحدث لأسباب بعضها يعد تقصيراً من الأم، وأغلبها لعيوب خلقية، وهو يطول رضيعاً واحداً كل ساعة على امتداد هذه الأرض. فهل يجوز غض النظر وقلب الصفحة وترك العنان لأمر قد يحدث في أي لحظة لأيّ طفل في ظل هذا الرقم الكبير؟
يُعد موت الطفل مفاجئاً إذا حصل بين أسبوعه الأول وعامه الأول من دون وجود سبب أو احتمال سبب، بعد إجراء تشريح دقيق.
وهذا يعني أنه بعد أن يستسلم الطب ويرفع الطبيب اليدين ولا يجد تفسيراً أو سبباً، أو حتى منطقاً لحالة موت مجهولة يكتب في تقريره تحت خانة السبب «مُتلازمة الموت المفاجئ».
أثناء النوم
هذا ما حصل مع طفلة ولدت في لبنان بعد صبيّين، تزن ثلاثة كيلو جرامات وأوقيتين، عاشت شهرين إلا يومين وماتت. نامت ولم تَقُم. والسؤال البديهي: لماذا ماتت؟
إذا كانت الأسباب المباشرة مجهولة، فثمة عناصر مُرجّحة يُعتقد أن من شأنها تخفيض نسبة الخطر أبرزها: وضعية نوم الطفل تؤثر في صحته، حيث إن وضعه على بطنه كما تصرّ جداتنا، يزيد احتمال وجود الخطر، لذا يُنصح طبّياً بوضعه على الظهر. خطأ آخر ترتكبه الأمهات، وهو وضع الطفل على جنبه لا على البطن ولا الظهر، وهو ما تحاول بعض الأمهات إيهام أنفسهن بأنه أفضل وضع. على كل حال، يُفترض ألا يغيب عن بال أحد، أن جميع حالات الوفيات المفاجئة عند الأطفال الرضّع تحصل خلال النوم.
النساء اللواتي يُنعتن بكثرة الكلام، معهنّ كل الحق في الإكثار من الأسئلة وعلامات الاستفهام حين يتعلق الأمر بأطفالهن. عليهن أن يُكثرن من استخدام كلمات: لماذا؟ كيف؟ أين؟
علمياً، تُعد وضعيّة نوم الطفل على بطنه خطيرة، لأنها تسمح له بإعادة تنشّقه بعض كميات الهواء التي ينفثها من رئتيه، ما يؤدي إلى تراكم ثاني أوكسيد الكربون ونقص الأكسجين. أما بالنسبة إلى خوف بعض الأمهات من تَبدّل في رأس وجمجمة الرضيع في حال وضعه على ظهره، فهذا غير صحيح، لأن شكل الرأس سرعان ما يعود ويتبدل مع نمو الطفل.
تدخين الحامل
تدخين النساء الحوامل قد يكون سبباً آخر نتيجة المواد السامة الموجودة فيه، والتي تؤدي إلى زيادة أوكسيد الكربون فيتدنّى الأوكسجين. شكل ونوع الفراش الذي يوضع فيه الطفل يفترض أن يؤخذ في الاعتبار، حيث يُحبّذ أن ينام الرضيع بلا وسادة ويكون الغطاء خفيفاً ناعماً والغرفة دافئة، مع الانتباه إلى أن التدفئة المفرطة تضرّ؛ كونها تسبب عدوَى جرثومية، من شأنها زيادة إمكانية حصول الموت المفاجئ.
الأسباب مجهولة، لكن التقارير الطبية في مختلف أنحاء العالم، بيّنت أن الوفيات تحدث في الليل وتصيب الذكور أكثر من الإناث بنسبة 60%، وتزيد في الخريف والشتاء وبداية الربيع.
التحاليل بحثاً عن الأسباب لا تتوقف، بينها أن الأطفال الرضع الذين يموتون أثناء النوم، دون سبب واضح، يعانون في الأغلب عيوباً في منطقة الدماغ المسؤولة عن تنظيم عمليات التنفس وضربات القلب والاستيقاظ المفاجئ. ودلت أبحاث أخرى أن جهاز المناعة لدى الأطفال، الذين توفّوا كان ينتج كمية كبيرة من خلايا الدم البيضاء والبروتينات، يتفاعل بعضها مع الدماغ لتغيير وتيرَتي نبضات القلب والتنفس أثناء النوم.
الطفل المعرّض
الأمهات الجديدات تحديداً يبحثن عن ما يُعدّ سبباً لموت طفل مُفاجئ. فماذا بعد؟ ماذا عن الأسباب المرجحة الأخرى؟
يُعد علمياً أن أخوة أو أخوات الطفل الذي قضى بموت مُفاجئ، يكونون مُعرّضين لنهاية مماثلة. الأطفال الذين ولدوا قبل أن يحين أوانهم، أي قبل الأسبوع الـ37، أو يكون وزنهم أقل من المعدل الطبيعي، أي أقل من كيلو جرامين ونصف، قد يصادفون هذا النوع من المصير بسبب انخفاض نسبة الـ«جلوكوز» في دمائهم. هذا لا يعني طبعاً أن تعيش الأمهات بقلق مُرعب قاتل خشية فقدان أطفالهن، بل عليهن أن يعرفن أكثر ليحمينهم أكثر. استنشاق الطفل للنيكوتين بكثافة، أي وجوده في غرفة واحدة مع مُدخنين، قد يعرّضه للموت المفاجئ. أطفال الأم المراهقة معرضون أيضاً، أمّا تقدم الأم في العمر فيساعد على تقليص نسب مخاطر هذا النوع من الموت المفاجئ جداً. ويهمّ هنا أن تعرفوا أن الخطر يتقلص مع تقدم الطفل في أشهره الأولى، حيث يُصبح قادراً على أن يتحرك فينام على ظهره إذا شاء، أو على بطنه إذا شاء، أو شعر بأنه في حاجة إلى الاستدارة، ما يخفض كثيراً من خطر «موت المهد»، وترك الطفل يختار نوعية النوم التي تُريحه. سؤال آخر قد يطرأ على بال كل أم؟ ماذا عن تأثير «اللّهاية» التي تُعطى للطفل ليتسلى بها إلى حين يغفو؟ هل يُمكن إدراجها في عِداد أسباب الشك؟ لا، لم تصدر أي دراسة سلبية في هذا الإطار، بالتالي يمكن إعطاء الطفل هذا النوع من الـ«لّهايات».