أمل عبد الله.. أقدم صوت إذاعي نسائي في الكويت، تلك القامة الإعلامية، بدأت رحلتها لتشق طريقاً لم يكن مُعبّداً لتواجه التحديات، وتقاوم الأفكار البالية، وتثبت وترسخ أمام حلمها الذي تحول لعشق، تحدّت المجتمع وكافحت وأثبتت نفسها بقوة خلال مسيرة حافلة بالإنجاز، ولا تزال رحلة عطائها ممتدة إلى اليوم.
بمناسبة «يوم الإذاعة العالمي»، تشاركنا معها حديثاً شيّقاً عن ذكريات نصف قرن من مسيرتها المهنية.
• يحتفل الإذاعيون حول العالم بيومهم العالمي، فكيف تنظرين إلى مسيرتك التي تزيد عن نصف قرن من العطاء؟
لا أنسى أول يوم في الإذاعة، حيث بدأت رحلتي من «إذاعة الكويت الشعبية» يوم 14 يونيو من العام 1964، وأصبح اسمها لاحقاً «الإذاعة المحلية من الكويت»، وتُعْنَى وتهتم بالفلكلور الشعبي. ومن يومها عاهدت نفسي على أن أكون متميّزة ومختلفة عن غيري، ولم أتوقف حتى اليوم عن تطوير أدواتي في تحسين طبقات الصوت، والتعلم والاستزادة بالثقافة والعلم والمعرفة.
• ما أبرز البرامج التي قدمتها في بداياتك؟
قدمت الكثير من البرامج منها «ما يطلبه الشعب»، و«نافذة على التاريخ» و«نجوم القمة»، بعد ذلك طلب منّي وزير الإعلام آنذاك التوجّه إلى التلفاز لقراءة أقوال الصحف، حيث كان الأستاذ سعدون الجاسم وكيل وزارة الإعلام حينها، يختار لي (المانشيتات) المهمة، فأمُرّ على الوزارة لآخذها وأذهب بها إلى التلفزيون. ثم أوكلت لي مُهمّة تقديم البرنامج التلفزيوني «فنان وألحان»، قابلت فيه عمالقة الغناء الكويتي والخليجي، وكانت أول أمسية لي مع الفنان الراحل عبد الله فضالة.
ذكريات
• هل لا تزالين تحتفظين بتلك اللقاءات؟
تلك الأشرطة ملك للإذاعة. وللأسف، فُقد الكثير منها مع توالي السنوات، ولكن لا يزال بعضها موجوداً ويُعاد بثّه بجهود كبيرة من القائمين على «تلفزيون الكويت».
• أين كانت محطتك التالية؟
كانت في قراءة نشرات الأخبار عبر شاشة «تلفزيون الكويت»، ثم سافرت إلى القاهرة وقمت بتسجيل برنامج «أمس واليوم وغداً»، وحظيت فيه بمُحاورة عمالقة الفن والغناء، أبرزهم الفنانة شادية.. فشادية لم تُجرِ حوارات تلفزيونية كثيرة، وتكاد حواراتها لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة. وحاورت أيضاً محمد الموجي، محمود المليجي، زوزو ماضي، صلاح ذو الفقار، فايزة أحمد، مديحة يسري وغيرهم من العمالقة، كما سجّلت حوارات أيضاً لنجوم عرب زاروا الكويت في فترات مختلفة لمناسبات فنية، منهم سعاد حسني، دريد لحام وأمينة رزق.
• بين الإذاعة والتلفزيون أيهما الأقرب إلى قلبك؟
بكل صدق تظل «الإذاعة» الحب الأول والعشق الكبير، ولا أستطيع الابتعاد عنها، بدليل أنني لم أنقطع عنها، فلديّ برنامج أسبوعي هو «أطياف فنية»، أستضيف فيه كل أسبوع شخصية فنية من الجيل القديم أو الحديث، وبرنامج آخر يتناول الشعر الشعبي.
انتشار «الإنترنت»
• كإذاعية رائدة، هل راودك شعور بالخوف حين بدأ انتشار شبكة الإنترنت؟
سمة الحياة التغيير والتطور المستمر، وخلال مسيرتي كنا دوماً نُعاصر التغييرات الكبرى، وكنا مستعدين لها.. فمن دار الإذاعة إلى مبنى الإذاعة والتلفزيون، ومن الأبيض والأسود إلى الألوان، ومن البَكرات والتسجيلات القديمة إلى مسجّل بحجم القلم. فأنا دوماً مع التغيير، لأنه يسهّل لنا حياتنا بشكل كبير، فالتقنيات الحديثة تساعد على أداء مهماتنا بكل سهولة، وبذلك الفكر نفسه.. وحين ظهر «الإنترنت» ووسائل التواصل لم أخْشَ وجودها، فعلى الرغم من أنني لست مواكبة لها بنسبة %100، لكني أجد «الإنترنت» نقلة معلوماتية مُذهلة لها فوائد عظيمة، والحياة علمتني أننا ما دمنا نعمل فلا نُفاجأ بالتغيير لأنه يأتي متدرّجاً.
• لكن مع انتشار وسائل «التواصل الاجتماعي» خفَت دور الإذاعة؟
لا تزال الإذاعة حاضرة وتشكل مساحة من التأثير، بدليل ردود الفعل التي تأتي على أثير البرامج التي نقدمها، لكني أرى أن انتشار الـ«سوشيال ميديا» سهّل وصول الناس، وربطهم بالإذاعات من خلال الهواتف الذكية، وأثناء قيادة السيارة.
• هل لا تزال طقوسك في إعداد البرنامج الإذاعي كما في السابق؟
أنا من جيل تربّى على احترام المتلقي والمصداقية في كل ما أقدمه، وهذا نَهْجي طوال حياتي، لهذا وحتى يومنا هذا أقوم بإعداد مادة البرنامج وأضع الفواصل بالتوقيت، وأتحرّى المادة العلمية المقدمة بإعداد مُسبَق يأخذ حقه من الوقت، فأنا حريصة على الجودة، ولا أستطيع تغيير تلك الطقوس.
المذيع الناجح
ترى الإعلامية أمل عبد الله، أن من أهم مواصفات المذيع الناجح، أن يكون لديه مخزون ثقافي ومعلوماتي مرتفع، إضافة إلى سرعة البديهة واللباقة، وحُسن التصرف في المواقف المختلفة، وقوة اللغة والصوت المتميّز.