عندما نلاحظ سلوكيات الأطفال، وكيف يتصرفون تجاه المواقف الخارجية والمشاعر الداخلية، نرى أنهم يعبرون عن أحاسيسهم ومشاعرهم بتلقائية، وعلى سبيل المثال عندما يجوع الطفل فإنه يبكي حتى وإن كان في عمر يستطيع فيه التعبير عن حاجته بالكلام، أو إذا شعر بالنوم والأجواء المحيطة به غير مهيأة، وعندما يتضايق من زملاء المدرسة أو المدرسة، فيفضل الابتعاد عن المكان، كما يشعر بآلام جسدية كآلام المفاصل والبطن مثلاً، وكثيراً ما يعبر الطفل عن آلامه بالبكاء، حيث يعتبر البكاء مهدئاً، لأن هرمونات الإجهاد تحفز الجسم على سيل الدموع.
تأثر قوي
للعواطف والمشاعر التأثير القوي فينا، فقد نمرض وقد نشفى بسبب تلك المشاعر. فالخوف من مواجهة الآخرين قد يسبب لنا الحساسية أو الصداع، ولكن كيف؟ صحتانا العاطفية والجسدية مرتبطتان ارتباطاً قوياً ببعضهما، فالجسد يستجيب للطريقة التي نشعر فيها بوجود الفكرة بداخلنا، فمثلاً نفكر في الظلم ونشعر بالحزن، وقد نشعر بآلام الظهر.
من التجارب التي تثبت العلاقة الوطيدة بين المشاعر والصحة الجسدية، تجربة الدكتور لي بيرك من «جامعة لوما ليندا» بكاليفورنيا. التي أثبت فيها أن للضحك تأثيراً إيجابياً كبيراً في الأشخاص، حيث يزيد لديهم هرمون السعادة، ويقلل هرمون الإجهاد الكورتيزول والأدرينالين، كما يقلل الضحك من خطر الإصابة بنوبة قلبية ويحد من الإجهاد غير المرغوب فيه.
عندما نعبر عن مشاعرنا تجاه الشريك فإن ذلك كفيل بخفض مستوى الكوليسترول، وقد أكدت مجموعة من العلماء في «جامعة أوهايو» أن مجرد التحدث مع الشخص المصاب بالأمراض، كالسرطان وأمراض القلب وارتفاع نسبة السكر في الدم والتهاب المفاصل والتحاور معه بانتظام واحتوائه عاطفياً، سيكون لها الأثر الكبير في تخفيف الآلام لدى الطرف الآخر.
أثر كبير
أما الحب فهو كفيل بنمو الأعصاب، فهو يحسن الذاكرة، حيث يحفز الخلايا الدماغية، وعندما تكون في حالة حب، فأنت تشعر بالرضا ويزيد ذلك من إفراز هرمون الدوبامين والسيروتونين، والمنظم في عملية الإدراك والمؤثر القوي للناقلات العصبية الجيدة في الدماغ. وعندما تحسب النعم وتعزز مشاعر الامتنان، فهو الذي يعزز المناعة ويخفض ضغط الدم ويساعد على سرعة التعافي والشفاء. بعض الجامعات والمعاهد في الولايات المتحدة بدأت تُدرس مادة تعنى بالعلاقة بين العواطف والصحة النفسية، لما لها من أهمية كبيرة للمهنيين والمرضى النفسيين والفيزيائيين. كما علينا أن ندرك أن المحور الفسيولوجي مهم، ولكن للأسف لم يتطرق له العديد من الأطباء والأخصائيين النفسيين أو المختصين بالأمراض الجسدية، المتأثرة والمؤثرة في مدى أهميته للشخص المصاب بالاضطراب النفسي. ولأهمية معرفة العلاقة بين القلب والعقل والجهاز العصبي نحتاج حقيقة للبحث في هذا الموضوع والتعمق فيه لمساعدة الفرد على التجلي وتأكيد الوصول إلى التوازن النفسي.
استشارة
• أنا من إحدى الدول التي تعرضت للحرب منذ سنوات، كنت أدرس في الجامعة وكان عمري آنذاك 20 عاماً، تركت دراستي لأعمل بعد وفاة والدي لأعول أسرتي، حصلت بعدها على تصريح مغادرة كلاجئ في إحدى الدول الأوروبية أنا وعائلتي، بعد أن استقررنا وحصلنا على سكن وإعانة أسبوعية، بدأت أبحث عن عمل وفي الوقت نفسه سنحت لي الفرصة لاستكمال دراستي، ولكن بدأت أشعر بالحزن الشديد وعدم النوم بشكل جيد، وبدأ يسيطر عليّ الخوف، وصرت حساساً بشكل كبير، وأبكي كثيراً، كما أنني أشعر بتوتر. ماذا أفعل؟
من الواضح أنك تعاني الاكتئاب والقلق في الوقت نفسه، وقد يكون «اضطراب ما بعد الصدمة» لا أستطيع أن أجزم، ولكن ما دمت تحت الرعاية الحكومية لذاك البلد، فيفضل أن تطلب منهم تحويلك لطبيب نفسي حتى يتم تشخيص المشكلة والحصول على العلاج، ومن الواضح أنك تحتاج إلى الدواء في أسرع وقت.