ربما لم تكتب هذه الروائية «قواعد العشق الأربعون» إن لم تمشِ - سابقاً - على الجمر بقدمين حافيتين، وتتسلق - بروحها - حوائط النار، بحثاً عن «كوة» النور تلك التي تقود إلى الحقيقة، الحقيقة المعقدة البسيطة.
لعلها أكثر من اشتهرت بدور الأم، التي تفيض حناناً ومحبة تغدقهما، ليس على الأبناء فحسب، بل على الجميع. تفننت كريمة مختار في تقمص شخصيات عدة، لكن أغلبها لم تخرج عن إطار السيدة التي تشيع الدفء والحب في محيطها كله.
ولدت (عطيات محمد البدري)، التي ستحمل لاحقاً الاسم الفني كريمة مختار، في يناير 1936.
عملت مختار بادئ الأمر في برنامج الأطفال «بابا شارو»، ولم تتمكن من خوض غمار تجربة السينما بسبب معارضة أسرتها المحافظة، لكن شأنها شأن رائدات كثيرات حفرت على الصخر وصممت على المضي قدماً في مسيرتها بحس الفنانة التي تدرك حجم موهبتها، وذلك الغليان الإبداعي الذي لا بد أن يضع بصمته المتوهجة.
حصلت كريمة مختار على درجة البكالوريوس من المعهد العالي للفنون المسرحية، لتسبغ على موهبتها الفطرية بعداً علمياً في الأداء والحركة والصوت والتعبير. وهي بالفعل كانت قادرة على التمثيل بعينيها وتعابير وجهها وحركة يديها، في توظيف عظيم لقدراتها.
تزوجت كريمة مختار من المخرج نور الدمرداش في 1958، وهو الذي فتح لها أبواب الشاشة الكبيرة بعد معاناة كبيرة مع أسرتها، التي تقبلت الأمر في نهاية المطاف في أعقاب قطيعة وغضب، بعد أن أقنعها الزوجان بأن كريمة ستدير ظهرها تماماً عن أدوار الإغراء الرائجة في ذلك الوقت.
لكريمة ابنان هما شريف ومعتز، وابنة هي هبة، وتشير تقارير صحافية عدة إلى أنها أحاطت أسرتها دائماً برعاية فائقة وتفانٍ، على الرغم من متاعب العمل الفني.
أجادت مختار أيما إجادة في أعمال أبرزها «يتربى في عزو»، و«الحفيد»، وجراء إخلاصها لعملها أحاطها الجمهور بحب كبير، كيف لا وهي التي لطالما أبكتهم وأضحكتهم وسمّرتهم أمام الشاشة.
وبعد صراع مع المرض رحلت (ماما كريمة) في يناير 2017 مخلفة سمعة فنية عظيمة، وكاتبة اسمها في سجل الخالدات في مسيرة الفن العربي.