«اليوم العالمي للرقص» في الـ29 من أبريل، كل عام، منذ 1982، تقديراً من «اليونسكو» لأهمية هذا الفن في التاريخ الإنساني، وقد سجلت النقوش وآثار الحضارات القديمة ما يؤكد أن هذا الأداء التعبيري من أوائل الفنون التي عرفها واعترف بها البشر، في مصر الفرعونية، وفي بابل، وفي غيرهما.
هذه مناسبة عالمية، تلفت أنظار الشعوب إلى قيمة الفنون الأدائية عموماً، خصوصاً التي تشكل تناغماً فيما بينها، كالغناء والمسرح والعروض الفولكلورية والرقص، فالحياة البشرية بدأت بتخيل الإنسان راقصاً حول النار التي اكتشفها فرحاً بالدفء والطاقة، ولم تحُل الثقافات والتقاليد دون وجود أنواع من الرقص لدى الشعوب بما يتلاءم ومعتقداتهم، فكان المطر يستقبل برقصات الأطفال والنساء والرجال، ولا حصر للأمثلة. فقد عرف الإنسان الرقص في اللحظة التي اكتشف فيها بهجة الاحتفال، وكان جسده وسيلة حركية للتعبير.
هل يحق لنا، نحن العرب، الاحتفال بـ«اليوم العالمي للرقص»؟ وهل هو جزء من ثقافتنا وموروثنا؟ وهل ما زال بعضنا مصرّين على إطلاق حكم أخلاقي عام عليه؟ آمل أن نكون تخطينا ذلك، بالنظر إلى أن وجود مستوى هابط من الفن في السينما والمسرح والدراما والرقص أمر طبيعي، لكنه لا يلغي الجماليات الخالدة في الباليه، ولا في أنواع كثيرة من الرقص عبر التاريخ، ونحن العرب لسنا أمة خارج التاريخ.
لم يغِب الرقص بأشكاله المختلفة عن الحياة العربية عبر آلاف السنين، وقد برع أجدادنا في رقصات السيوف والخيول، بما تحمله من زهو وانتصار، ولا يزال هذا التعبير شائعاً حتى اليوم، ولا سيما في شبه الجزيرة العربية، وكان وسيلة للترفيه في مراكز الحضارة العربية، من المشرق إلى المغرب، والأندلس، في مراحل ازدهر فيها الشعر والغناء والموسيقى، وبالأحرى ازدهرت فيها الحضارة عمراناً وتأليفاً وترجمة.
ضوء
لعل نظرة سريعة على الفنون الشعبية والتراث المحلي في العالم العربي تؤكد حاجتنا إلى اعتماد الرقص في المدارس كافة، وتدريسه للأجيال الجديدة، إلى جانب الفنون الأخرى، لما لذلك من انعكاسات إيجابية على وعي الطفولة. فالفولكلور جزء من الهوية، والانفتاح على لغات الرقص في العالم يزيده تطوراً وقوة.