هل يؤثر تغيير عادات الطعام في طبيعة نومنا؟ ماذا عن تأثير تغيير أوقات الوجبات في الحياة عموماً، وفي رمضان خصوصاً في شكل النوم؟ وهل زيادة مستوى الكورتيزول والأنسولين في الليل، بسبب تناول الوجبات الدسمة ليلاً، يسبب الأرق؟
تغيير يعيشه الصائم في شهر رمضان على كل المستويات، روحياً واجتماعياً وفسيولوجياً، لكن ماذا لو عانى الصائم في هذا الشهر خللاً في طبيعة النوم؟ وماذا لو عانى شخص لا ينتبه إلى طبيعة طعامه طوال أشهر السنة اضطرابات النوم؟
طبياً، حين تزداد كمية السعرات الحرارية المستهلكة ليلاً، بسبب تغيير أوقات وجبات الطعام، يرتفع معدل الإنسولين والكورتيزول في الجسم، ومعلوم أن هذا الهرمون يرتفع عادة حين نشعر بتوتر، وارتفاعه ليلاً معناه أننا سنشعر حتماً بالتعب. يلعب الكورتيزول دوراً في تنظيم الطاقة وتحفيز الشهية ويساعد على مدّ الجسم بالجلوكوز ويؤثر في الشهية. وكل هذا التغيير في مسار إيقاع الكورتيزول في الجسم، حين يُبدل الإنسان طبيعة وجبات طعامه، يؤثر حتماً في طبيعة النوم ويزيد من تدفق حمض المريء. والخلل في نوعية النوم يؤثر في وظيفة المناعة ويزيد من مخاطر الإصابة بالأمراض المزمنة.
حتى الشبع
إذا أردتم الصيام والنوم جيداً فما عليكم سوى التأني في اختيار الأطعمة الصحية. وهذا التأني يجعل الصائم حقاً في اتساق روحي وجسدي مع معاني الصوم. هناك من يعتبرون أن التأني في نوعية الطعام تكون بالنهوض عن المائدة قبل الشبع. وهذا خطأ آخر يقترفه كثيرون في شهر رمضان تحديداً، والحلّ يكون وسطياً فلا للتخمة ولا للجوع، لأنه ثبت علمياً أن الجوع يزيد من اليقظة ويقلل من النوم، وهذه المرحلة ضرورية لأن الدماغ يكون خلالها شديد النشاط وعرضة للأحلام. وكلما طالت هذه المرحلة تحسن استدعاء المعلومات من الذاكرة وتعززت القدرات العقلية بشكل عام. الجوع يحرمنا من هذه المرحلة. فلتأكلوا إذاً احتى الشبع العادي لا التخمة.
ساعات النوم
الصيام يعلم الصبر، والنوم استكانة الجسم استعداداً ليوم جديد. والسؤال: كيف يمكن المواءمة بين كل هذا؟
ليس الهدف بلوغ المستويات القياسية المطلوبة من ساعات النوم، بقدر الحصول أقله على أدنى حاجات الشخص الفسيولوجية من مجموع ساعات النوم. وفي هذا الإطار، يُنصح في هذا الشهر الفضيل بأخذ قيلولة في فترة ما بعد الظهر إذا اشتدّ عليكم النعاس نهاراً. فالمخّ يتتبع دورات النوم طوال 24 ساعة ويمكنه أن يحصل على ما يحتاج من النوم خلال دورة واحدة أو دورات عدة تتضمن القيلولة أو القيلولات. لكن في حال كنتم تشعرون بشكل عام بالأرق، طوال أيام السنة، فأنتم تحتاجون إلى نوم متواصل، لأن النوم المجزأ يزيد الأرق سوءاً. وكلما عانينا ليلاً قلة النوم صعب علينا أن نستيقظ عند السحور. وبالتالي الحصول على نوم متواصل يتراوح بين خمس وست ساعات يجعل الاستيقاظ عند السحور أكثر سهولة.
شمس ونور
التعرض لأشعة الشمس، خصوصاً خلال ساعات الصباح الأولى، مدة 10 دقائق فقط، يساعد كثيراً على إعادة ضبط ساعة الجسم ويُسهل ليلاً عملية النوم. نصيحة أخرى يُعطيها أطباء النوم حين يُسألون عن كيفية تحسين نوعية النوم: تجنبوا التعرض للضوء الصناعي طوال النهار، لأنه يؤثر سلباً في إيقاع ساعة الجسم البيولوجية.
كما أن النوم في ساعة محددة ليلاً، إحدى أفضل الطرق من أجل تدريب الجسم على النوم جيداً. هذا الإيقاع المنتظم يساعد على الشعور بالتحسن.