الكلاج
للكلاج رائحة تفوح في الأحياء الشعبية الضيقة، وهي تتقلبُ بعناية شديدة في الزيت الساخن. لهذا الصنف التقليدي تاريخ متجذر في العمق اللبناني، فلا سفرة رمضانية بلا كلاج ولا كلاج بلا رمضان. علاقة لبنانية سرمدية مع حلوى شهية سرّها في عجينتِها التي لا يتقنُها إلا بيوت نادرة.
التقليد طبعاً كثير لكن الأسرار بين أيدي قلة. وفي التاريخ اللبناني برزت عائلات رائدة في عالم الحلويات التراثية والرمضانية اللبنانية. آل العريسي واحدة منها، لكن علاقة هذه العائلة مع عالم الحلوى اللبنانية التقليدية، منذ عام 1844، بدأت تتفكك اليوم لمصلحةِ (عصرنة) الأصناف الرمضانية. الشيف حازم عريسي يُحب الكلاج، لكنه يُحبه أقل دسما. الزيت المقلي لم يعد يستسيغه كثيرون اليوم. بعض العادات بدأت تتغيّر، لهذا فكّر في أصناف رمضانية جديدة تُشبه لبنان ولا تضرّ. وبعضُ أصنافه من وحي التراث. ثمة طبق شهي اسمه «ميّل يا غزيل» مكسو بالفريز والمفروكة والفستق. الطبق الرمضاني الآخر الشهي كرابيج سماه «كربوجة ومهضومة». والمهلبية مع المكسرات سماها «نزل السرور». وصينية الكنافة اللبنانية المطلوبة كثيراً في هذا الشهر قدمها باسم «كنافة لوتس». الأسماء قد تتغير، تتعصرن، لكنها تأتي دائماً تحت عنوان: حلويات رمضانية.
مفروكة وقطايف
«المفروكة» تتمدد في محال الحلويات اللبنانية، في هذا الشهر، في صوانٍ تشدّ البصر والنفس. هي مغطاة بطبقة سميكة من القشدة والجوز المحمص. وتنادينا غصباً عنا. «القطايف» صنفٌ آخر شائع في رمضان وهي محشوة إما بالجوز والسكر أو القشدة. هي طيبة مقلية حتى ولو «نسفت» قليلاً الحمية الغذائية.
آل الداعوق في لبنان ابتكروا منذ أكثر من نصف قرن صنفاً من الحلويات سموه «الداعوقية»، وهو يتكون من القشدة والفستق، هو شهيّ كثيراً لكنه ينسحب تدريجياً لمصلحة أصناف حلويات أخرى مثل «ليالي لبنان». هذا الطبق سرّه أنه يحمل اسم البلد الذي يتحدر منه، لذا لا يموت.
المكسرات، بحسب الشيف حازم عريسي، لا بُدّ منها. والألوان تسترعي انتباه الصغار، لذا تُستخدم الأصباغ الملونة طبيعياً في تزيين الحلويات الرمضانية. «زنود الست» و«الشعيبيات» و«العثملّية» الغنية بالقطر، يزيد عرضها وبيعها في هذا الشهر الكريم. هي أصبحت من تقاليد العيد، والعيد بلا حلويات أقل حلاوة.
محال الحلويات
يشد أنظار السارح في شوارع بيروت وصيدا وطرابلس الشعبية في شهر رمضان تحوّل بعض الأرصفة، أمام محال الحلويات، إلى ركنٍ للقلي الطازج، الفوري، فتنساب الرائحة شهية، ومن لا يريد أن يأكل سيعود غصباً عنه ويأكل. «العوامات» تلمعُ بفعلِ مياه القطر المغمورة به. صنفٌ آخر مطلوب في هذا الشهر واسمه «حدف». والحدف نوع من البقلاوة المحشوة بالجوز ابتكرها شخص من آل زغلول فلقبت بالزغلولية.
الصغار يُحبذون تناول الـ«دوناتس» والـ«تيراميسو» والـ«أوريو»، بينما الكبار يُفضلون ما هو تقليدي أكثر. «راحة الحلقوم مع الورد» صنفٌ جميل في العيد. ماء الزهر والورد تتغلغل في كل أنواع الحلويات الرمضانية. والقشدة والمغلي والسحلب لا غنى عنها في رمضان.
معمول العيد
السياحُ يُحبون الزعفران، لذا أضيف هذا الصنف إلى بعض أنواع الحلويات. استهلاكه في هذا الشهر يزيد مئة في المئة. أما معمول العيد فيزيد إعداده في لبنان في الأيام الأخيرة من شهر رمضان، مع دنو عيد الفطر، ويُصنع منه «معمول مدّ» أو «حبات المعمول» مع تمر ومع جوز ومع قشدة. وهناك محال تشتهر به أكثر من أخرى، لكن المعمول اللبناني غالباً يُعدّ صنفاً أوّل. وهناك محال كثيرة في مدينة طرابلس تشتهر بهذا الصنف من الحلويات.