في جلسة حوارية مع إحدى الطبيبات المختصات بالطب الصيني، وهو طب نادراً ما يدخله الأطباء العرب؛ كانت تلاحظ من خلال الكشف على إحدى المريضات، بأن هناك دموعاً تسيل من عيني المريضة، مع العلم أنها لا تبكي، وللتأكد إن كانت المريضة متأثرة بشيء ما سألتها عن السبب، فأجابت المريضة بأن عينيها تسيل منها الدموع عادة. هنا علقت الطبيبة بأن كبد المريضة متأثرة، وقد تكون منقبضة أو مشدودة، وبالتالي هذه الدموع تعبر عن ضغط نفسي داخلي، وهي مجرد تعبير لذاك العضو غير المرتاح. ثم تحدثت عن مدى ارتباط الحالة النفسية للشخص بآلامه الجسدية، وأن الطب الصيني يركز كثيراً على هذا الجانب وهذا الارتباط، بين النفس والجسد.
النفس والجسد
هكذا نتفق على أن النفس والجسد لا ينفصلان بل كل منهما يؤثر في الآخر ويتأثر به، وقد أثبتت الدراسات العلمية المحكمة ذلك منذ سنوات، وكيف يمكننا أن نتعامل مع المشاعر المؤلمة والإحباطات بشكل جيد، يقينا من الألم الجسدي أو النفسي. فمن أكثر الوسائل التي تعبر عن الألم الدموع، سواء كانت علنية أم سرية. لا شك في أننا نتأثر عندما نفقد أحداً عزيزاً، وهناك أوقات في حياتنا تعتبر أزمات تجعلنا نذرف الدموع، نتيجة إدراكنا لأنفسنا وللآخرين وكيفية التعامل مع تلك الأزمات من خلال ثقافتنا وتربيتنا، وقد نلاحظ أن الإناث أكثر استرخاء خلال التعبير عن مشاعرهن بالدموع.
صور نمطية
قد يكون للبكاء تأثير كبير في الآخرين للتعاطف مع المرأة، بعكس الذكور الذين يدارون دموعهم حتى أمام أقرب الناس إليهم؛ لأن منطق البكاء لديهم مرتبط بالرجولة، وأن «الرجل لا يبكي» حتى وهو طفل صغير، حين كان يسمع تلك العبارة عند بداية التعبير عن مشاعره، ونحن هنا نؤكد أن الصور النمطية، التي تتكون نتيجة ثقافة وتعاليم وقيم اجتماعية، قد تؤثر سلباً في الفرد، وقد تدخله في متاهات نتائجها سلبية عليه، وغير صحية خاصة للذكور. فهناك مجتمعات لا يبكي فيها الرجل، أو إذا بكى قد يتقوقع بمفرده، ويشعر بالحرج إذا رآه أحد. ولكن هناك دراسات تشير إلى أن نسبة إفراز هرمون التستوستيرون عند الذكور أعلى من نسبته عند الإناث وهو يمنع البكاء، وفي المقابل هرمون البرولاكتين الذي يعزز البكاء لدى النساء قد يكون سبباً لهذا الاختلاف.
هي عوامل تتداخل وتؤثر بطريقة أو أخرى على سلوك الفرد وشخصيته، لذلك نستطيع أن نلاحظ سلوك الأشخاص الذين يأتون من ثقافات حظر البكاء، الذي يعبر عن المشاعر المكبوتة وعدم البوح بما في الداخل، بالإضافة إلى صعوبة السيطرة على الدموع، وبالتالي ينفعل بشدة ويتسم بالعصبية، لذا يفضل أن يتعامل الشخص مع مشاعره بجميع الحالات، وأن يتعامل مع دموعه بشجاعة ليواجه ثقافة «الرجال لا يبكون».
استشارة
• لدي مشكلة في علاقتي بزوجي، تزوجنا منذ سنتين وهو يكبرني بخمس سنوات، وكان زواجاً شبه تقليدي، فأنا وأخته الصغرى صديقتان منذ سنوات، وعرضت عليّ الزواج من أخيها بعد طلاقه مرتين. وقد عارضت والدتي هذا الزواج بسبب زيجاته الفاشلة. هو طيب جداً، ولكن لا أشعر بأنه يثق بنفسه وقدراته التي يشهد بها كل من حوله، كما أني أستغرب من تكليفي بالمهام التي تحتاج منه القيام بها، كمراجعة بعض الجهات الحكومية، لذا فنحن نتشاجر كثيراً بسبب ذلك، كما أنه يحب ألا نخرج ولا يعجبه أن أستضيف صديقاتي أو أقاربي، وأجده خجولاً في بعض المواقف وذلك يحرجني ويكبر المشكلة بيني وبينه؟
- لا أستطيع أن أجزم، ولكن من الأعراض التي ذكرتها، يمكن القول إن زوجك قد يكون مصاباً باضطراب الشخصية الاجتنابية، ويفضل أن يلتقي بأخصائي مرخص حتى يستطيع وضع برنامج علاجي، وسيدخلك في العملية العلاجية والإرشاد.