قديماً قيل: في المعدة خلوة لا تملؤها إلا الحلوى، وضمن هذا المفهوم كان للحلويات حضورها البارز على موائد الطعام على مرّ العصور، وأكثر من ذلك، فإن الشعوب العربية تميزت بحلوياتها الخاصة، فكان التنوع والتعدد سمة لها، وهو ما شكل هوية تذوقية خاصة بكل منطقة، لتركِّب الحلويات خلطة عجيبة تجمع شمل الذويقة في كل مكان وزمان، ويبقى لكل منطقة حلوياتها التراثية، التي تمتد ضاربة جذورها في عمق التاريخ، وإن اختلفت هذه طرق تصنيعها، فإن المشترك الأكيد بينها أن لها نكهتها اللذيذة ورائحتها المميزة التي تسقط عشاق الحلوى أمام اختبارات برامج الحمية الصارمة.
«اللقيمات»
لا يغيب توزع التقارب الذوقي في الحلويات وفقاً للمنطقة الجغرافية، فمثلاً تبدو العلاقة واضحة في الحلويات العربية التي تعتمد على الطحين والتمر بالدرجة الأولى؛ مثل «اللقيمات» التي كانت تسمى لقمة القاضي في القرن الـ13م في بغداد، وانتشرت منذ ذلك الحين ويقال إن أصلها يعود إلى اليونان حيث يطلق عليها «لوكوماديس»، وهي مشهورة في قبرص أيضاً بنفس الاسم.
«العصيدة»
تنتشر في معظم دول الخليج والمغرب العربي حلوى «العصيدة» ورغم أنها موجودة بنفس الاسم في أماكن مختلفة إلا أن هناك «العصيدة» الإماراتية والكويتية والبحرينية والسودانية والليبية، عُثر على واحدة من أقدم الوصفات الموثقة للعصيدة في كتاب الطبخ (الطبيخ في المغرب والأندلس عصر الموحدين) الذي يرجع تاريخه إلى القرن الـ13م.
«كعب الغزال»
وفي المغرب العربي تنتشر حلوى «كعب الغزال» التي ظهرت في مدينة فاس، ودأبت النساء على صنعها منذ القرن الـ18م، على شكل قوس أو هلال، ويقال إنها سميت بهذا الاسم لشبهها بحافر الغزال. وهي حلوى بمكانة خاصة لدى المغاربة الذين يعتبرونها سيدة الحلويات التقليدية.
«المامونية»
«المامونية» حلوى شعبية لها جذور تاريخية ممتدة إلى العصر العباسي منتشرة في أجزاء من بلاد الشام والعراق ويشكل السميد مادتها الرئيسة، وتزين بالقشطة العربية الطازجة والقرفة والمكسرات والسمن العربي، لتعطي مذاقاً غاية في الروعة.
مناسبات دينية واجتماعية
بعض أنواع الحلويات الشعبية ارتبطت بمناسبات معينة منها دينية ومنها اجتماعية تقدم فيها الحلوى وفق تقاليد خاصة ففي معظم دول الخليج يحتفل الأطفال بالقرقيعان إذ تقدم الحلوى لهم في ليلة النصف من شعبان وهو ما يسمى في الإمارات «حق الليلة» وكذلك في دول أخرى يتم توزيع الحلويات على الأطفال وإن بمسميات أخرى لنفس المناسبة.
وفي مصر تبدو حلوى عروس وحصان المولد من ضرورات الاحتفال بذكرى المولد النبوي وتوزع (العروس) على الفتيات، بينما يوزع (الحصان) على الأطفال، وهي حلوى تقليدية تعود بجذورها إلى العصر الفاطمي، وما زالت متواصلة حتى عصرنا الحالي إذ لا تكتمل بهجة المناسبة من دونها.
«المعمول»
ينتشر «المعمول» في معظم المناطق العربية ويمتد تاريخه إلى عهد الفراعنة، فالنقوشات التي تحملها حبة المعمول في ذلك الوقت ما هي إلا رسمة للشمس، التي عرفت عند الفراعنة بالإله «آتون»، أحد آلهة الفراعنة، كما تشير كتب التاريخ، حيث كان الفراعنة يضعون المعمول مع الموتى، وقد استمر المصريون في صنعه وتقديمه في الأعياد أو عند زيارة القبور إلى أيامنا هذه.