مهما شاهدت من صور لجزر المالديف من قبل.. المياه الزرقاء المدهشة والشواطئ الرملية البيضاء وغروب الشمس الرائع يغوص في الأفق، فهي أمور لا يمكن تصور جمالها إلا إذ كنت هناك بجسدك وروحك، بمجرد إطلالتك من نافذة الطائرة تصافحك خيوط الشمس المتسللة بسخاء على الرقع الفيروزية الصغيرة، حينها تحتاج إلى الصحو من الذهول لتصدق أن كل ما تراه عيناك حقيقي.

العزلة الجميلة
تقع جزر المالديف بين بحر العرب ولاكاديف، على بعد 500 ميل تقريباً جنوب غرب سريلانكا، وتتمتع بالعزلة الجميلة التي تعد واحداً من عوامل جاذبيتها الكثيرة، يصنفها العديد من السياح حول العالم كوجهة حلم لقضاء إجازاتهم في المحيط الهندي، وهي قبلة رومانسية لكثير من مشاهير العالم، حيث زارها لاعب الكرة الإنجليزي دايفيد بيكهام بصحبة زوجته، كما جذبت هذه الجزر توم كروز وكيت موس وجينيفر أنيستون وجورج كلوني وغيرهم من نجوم هوليوود.

مرجان وزمرد
مثل الأحجار الكريمة ذات اللون الأخضر الزمردي المحاط بالألماس الأبيض. تشكلت لؤلؤات جزر المالديف والتي يبلغ عددها حوالي 2000 جزيرة، المأهول منها حوالي 200، والتي تكونت من تكسر الشعاب المرجانية الضخمة بفعل البراكين تحت الماء منذ ملايين السنين، وكونت تشكيلات دائرية تدعى «آتول». بلون استثنائي يتماوج بين الأخضر والزمردي، تقدم فيه كل جزيرة فرصة مدهشة لاكتشاف الثقافة المحلية الغنية والجمال الطبيعي المذهل الذي يزخر به هذا البلد الساحر.

تاريخ
يتكئ الكثير من تاريخ جزر المالديف على الفلكلور والأسطورة. وليس هناك الكثير من المعلومات عن نشأتها، لكن الاكتشافات الأثرية بينت أنها كانت مأهولة بالسكان في وقت مبكر من 1500 عام قبل الميلاد.

شعب محترم
يتمتع سكان جزر المالديف وهم خليط من أصول عربية وأفريقية وآسيوية، باحترام كبير تجاه بعضهم بعضاً وكذلك مع الغرباء، وغالباً ما يقدمون لضيوفهم مشروب جوز الهند بارداً، ووجبة خفيفة مغذية (عادة ما تكون قائمة على سمك التونة)، عند استقبالهم لأول مرة. وجدير بالذكر أن المالديف كانت تحت حكم المملكة المتحدة لمدة 75 عاماً. ونالت استقلالها عام 1965. وتعتبر السياحة من مصادرها الرئيسية للدخل. أما أبرز السلع التي يمكن شراؤها فهي المصنوعات اليدوية الخشبية والمنتجات المصنوعة من لحاء ثمار جوز الهند وحلوى جوز الهند والأسماك المجففة.

منتجع
يعتبر الكثيرون أن قضاء عطلة في جزر المالديف مرادف للاسترخاء، والاستمتاع بالثلاثي الذي يعزف أجمل سيمفونية عرفتها الطبيعة، الماء والشمس والرمال، ولكن الأمر ارتبط لدي أيضاً بالفخامة العالية، عندما وصلت إلى منتجع «والدورف أستوريا» التابع لسلسلة فنادق «هيلتون» الذي يقع في جزيرة إيثافوشي في قلب ماليه آتول الجنوبية. والذي أقلني إليه اليخت الفاخر الخاص بالمنتجع، في رحلة بحرية استغرقت 35 دقيقة من العاصمة.

استرخاء ورفاهية
يمتد المنتجع المكوّن من الفلل فقط فوق ثلاث جزر خاصة، ليوفر للمسافرين أصحاب الذوق الحصري، ملاذاً هادئاً ومريحاً ومكاناً للإقامة المنعزلة بعيداً عن الضجيج، بالإضافة إلى مجموعة كبيرة من الأنشطة للنزلاء من جميع الأعمار. 122 فيلا فاخرة ومجهزة جميعها بحوض للسباحة وإطلالات خلابة على المحيط الهندي مباشرة من داخل غرفها الخاصة. وتوفر جميع الفلل المطلة على الشعاب المرجانية والشواطئ والمبنية فوق سطح الماء، أجواء فريدة من نوعها في الداخل والخارج، مع تجهيزات تشمل سرير الأرجوحة للاسترخاء أثناء النهار، وشرفة لتناول الغداء، وبركة سباحة مطلة على المحيط، وأرائك استراحة في وسط المياه، ودش للاستحمام في الهواء الطلق.

مشاهد طبيعية
تشتهر جزر المالديف بجمال المشاهد الطبيعية، تحت سطح الماء وتنوع الأحياء البحرية، إذ توجد فيها أكثر من 3000 منطقة غنية بالشعاب المرجانية الملونة، وآلاف الأنواع من الأسماك، تشكل مصدر جذب لهواة الغوص، حيث يمكنهم كذلك رؤية أسماك القرش والمانتاس، وبسبب المياه الصافية واتساع مدى الرؤية، تتوفر فرص كثيرة لرحلات الاكتشاف عبر القوارب والتدريب على كيفية استخدام معدات الغوص.

جنة الأرض
ما إن استقررت في الفيلا الخاصة بي والمكونة من غرفة نوم واحدة، حتى انتابني شعور بأنني في منزلي بل في جزيرتي، حيث لا يبعد الشاطئ من غرفتي سوى 30 متراً تقريباً، فانطلقت لاكتشاف المكان، أول ما يطرق الذهن موجات المحيط المتكسرة على الشواطئ الرملية البيضاء، والتي تحرك بلطف ذهاباً وإياباً أرجوحة مربوطة بين جذعي شجرتي نخيل استوائي، فتشعر معها أنك تطالع قصة ساحرة من كتاب، وما إن يمتد بصرك إلى الأفق، حتى يعانق بحيرات بلورية رائعة وشعباً مرجانية مهيبة وسماء زرقاء باهية الحسن، أما عند مرور السحب الصغيرة المنفردة عجلى، لتغدق على محيطي فقط ماء من السماء فأسأل نفسي مراراً وتكراراً هل أنا في الجنة؟. ويبقى من المؤكد أن المشاهد تحتاج إلى أفضل كاميرا، لأن كل زاوية تعتبر مكاناً مثالياً لالتقاط صور رائعة.

أكواخ
التنقل بين الجزر في المالديف يعد مغامرة شيّقة، حيث يضمن إقامة مليئة بالتنوع ويتم عن طريق القوارب السريعة أو الطائرات البحرية ذات الأجنحة الثابتة على عوامات، توفر إمكانية الهبوط والإقلاع من البحر؛ حيث يمكن الاستمتاع بمشاهدة جزر المالديف الأخّاذة أثناء التحليق فوق صفاء البحيرات والمنتجعات السياحية والجزر غير المأهولة، إذ انتقلنا بها إلى محطتنا الأخيرة في جزيرة رانغالي، حيث فندق «كونراد المالديف» والذي يتكون من تشكيلة من الأكواخ الفردية المنفصلة ذات الطابق الواحد فوق سطح الماء.

تحت الماء
ما يميز هذا الفندق الفاخر حقاً، أنه مقر لأول منزل فندقي تحت الماء في العالم، إذ يمنح المنزل الذي أُطلق عليه «موراكا» أو (المرجان) في اللغة المحلية لسكان المالديف، والواقع تحت الماء، تجربة خاصة ورائعة لواحدة من أجمل البيئات البحرية في العالم، تم تصميمه بشكل يجعل الضيف يندمج مع البيئة الطبيعية المحيطة به من كل جهة، ومع ألوان المحيط النابضة بالحياة ومشهد الحياة البحرية المحيط بالأرجاء، سيتمكن الضيوف من اختبار تجربة النوم بين الأسماك والكائنات المتنوعة التي تسكن البحر.
ويقع طابق غرفة النوم على عمق 6 أمتار تحت مستوى سطح البحر، مما يوفر إطلالات واسعة على مشهد البيئة البحرية، ويتخذ تصميم «موراكا» الفريد والذي اعتمدت فيه أحدث التقنيات، شكلاً يشبه تصميم مطعم إيثا مع قبة الإكريليك وتتيح إطلالة بانورامية خلابة على عالم الحياة البحرية في المحيط الهندي.