تتحدث مدير «مؤسسة فن»، الشيخة جواهر بنت عبد الله القاسمي، عن الاهتمام بالأطفال والناشئة، والتحديات التي تواجهها صناعة السينما الإماراتية، والمساعي الآيلة لتطوير سينما عربية بعقول عربية، وقضايا مرتبطة بمستقبل منطقتنا.
• يعد عام 2019 محطة مفصلية في «مؤسسة فن»، بما يتعلق بـ«مهرجان الشارقة السينمائي للأطفال والشباب». فما سبب اهتمامكم بهذه الفئة؟
الاهتمام يندرج ضمن المشروع الحضاري الثقافي لإمارة الشارقة، بضرورة بناء جيل مثقف فنياً، نظراً إلى أهمية الفنون في صقل شخصية متوازنة ومثقفة أخلاقياً وفكرياً. فلا ثقافة ولا حضارة من دون فنون أصيلة في منتجها ورسائلها. ونحن نسعى إلى بناء جيل متمكن من المهارات، وقادر على استخدام وتوظيف التقنيات ليبني تجربته السينمائية الخاصة ويسهم في استعادة مكانة السينما العربية وصناعة الفيلم العربي.
• وكيف تنظرون إلى «مهرجان الشارقة» بعد ضم الشباب إلى مسماه؟
السينما تشكل مصدراً مؤثراً في صناعة الوعي وتشكيل الثقافة وبناء المسلكيات، وكلما كانت أفلامنا تعبيراً عن مصالحنا، استطعنا تجاوز تحدياتنا والمضي قدماً في مسيرتنا. أما بالنسبة إلى «مهرجان الشارقة السينمائي للأطفال والشباب»، فهو محطة مهمة في مسيرة تحقيق أهدافنا، كونه أسهم في توفير منصة ثقافية ومعرفية لأجيال من الأطفال للتعرف إلى صناعة السينما إضافة إلى تطوير مهاراتهم ومواهبهم. عام 2019 سيشكل حتماً نقلة نوعية للمهرجان، بعدما وجّه صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، بضم الشباب إلى المهرجان وتغيير مسماه إلى «مهرجان الشارقة السينمائي للأطفال والشباب»، بعد أن كان معنياً بالأطفال فقط.
تحديات
• ما التحديات التي تقف عائقاً أمام الشباب في صناعة السينما؟
لا أرى تحديات مرتبطة بمهارات أو مواهب الشباب، خاصة في دولة الإمارات والمنطقة، ويدهشني مستوى معرفتهم بالتقنيات والأدوات الفنية المرتبطة بصناعة السينما والفن الإعلامي بشكل عام، لكن يمكن القول إننا في طور بناء التجربة الجماعية لصناعة السينما الإماراتية، لدينا أشخاص موهوبون، لدينا نجاحات متفرقة، مهمتنا، إلى جانب المؤسسات والجهات المعنية كافة، هي جمع هذه المنجزات من أجل إنضاج التجربة السينمائية الجماعية.
• وما هي المهمات التي في أولوياتكم؟
المهمات التي أمامنا هي معالجة كيفية اختيار الموضوع السينمائي ومعالجته وسرده، والرسائل التي يراد إيصالها. أعتقد أن ذلك يعود لأزمة أهداف لدى بعض الشباب، الذين يتعاملون مع السينما كأنها إما معبر لهم إلى الشهرة وبالتالي يستعجلون كل شيء ويختارون أقصر الطرق، فتأتي أعمالهم أقل من توقعاتهم هم، من حيث جودة الطرح والمعالجة، وإما يعتبرون أن قوة السينما هي فقط في التكنولوجيا الحديثة والمؤثرات ويغيب عنهم المحتوى وقيمة الفكرة وأسلوب الطرح.
• إلى أي مدى ترتبط التحديات التي ذكرتها بالمنظومة الثقافية التي أفرزتها العولمة والتواصل المفتوح العابر للثقافات؟
أرى أن العولمة وضعت الكثير من المجتمعات أمام اختبار صعب، وهو صياغة برامج ومبادرات تساعد على فرز وتحليل ما يتم نشره من أفكار ومفاهيم وتوجهات ثقافية واجتماعية. ففي ظل السرعة الهائلة التي يتم فيها تداول تلك المعلومات من مصادر ومنصات متعددة، أعتقد أن الكثير من المجتمعات تواجه اليوم إشكالية حماية وصون القيم الاجتماعية والثقافية التي تميز كل مجتمع على حدة، بهدف صون هويتها التي بواسطتها تنتج فنها الخاص وتثري به الإنتاج الفني العالمي لا أن تكرره فقط. نضيف إلى ما ذكرناه أن بعض المجتمعات لديها أزمة في التواصل مع شبابها الفئة الأكثر عرضة للتماهي مع ثقافات أو أفكار من دون غربلة أو تفكير نقدي، مدفوعة بحماسها لتبني كل جديد والتماهي معه بشكل عشوائي.
الوصول إلى العالمية
• كيف يمكن تحقيق التوازن بين الحفاظ على الهوية المحلية في الأعمال الفنية، وخاصة السينمائية منها، والوصول إلى العالمية من خلال التوجهات الجديدة التي تتبناها الأجيال الجديدة؟
لا تتعارض المحلية مع العالمية، بل على العكس، الأولى تغذي الثانية، فالتاريخ الفني حافل بالأعمال التي تناولت قضايا محلية تهم مجتمعاً محدداً، وحازت شهرة عالمية واستحقت أرفع الجوائز. في المقابل، بقدر ما يكون العمل الفني حقيقياً في مقاربته لقضية ما، بغض النظر عن المكان والجغرافيا وحتى الزمن، تصل رسالته إلى الجمهور، فالقيم الإنسانية عالمية الطابع والجوهر، وكلما اقتربت الأعمال الفنية من وجدان الإنسان خرجت من حدودها الجغرافية لتلامس كل الناس وتؤثر فيهم، وهذا ما يفسر بقاء الكثير من الأعمال في الذاكرة وتحولها إلى أعمال كلاسيكية تصلح لكل زمان ومكان. وما نتطلع إليه في المرحلة الجديدة من عملنا هو الاستثمار في الثقافات التي تجمع الشباب على قيم مشتركة، وتوظيف تلك الثقافات للتواصل مع الشباب والعمل معهم لتطوير سينما عربية بعقول عربية وقضايا مرتبطة بمستقبل منطقتنا.